بازگشت

المتوكل


هو جعفر بن المعتصم، أمه خوارزمية، يقال لها شجاع.

و قد كان المتوكل مغضوبا عليه في زمان أخيه الواثق، و قد عاني من الرقابة و سؤ المعاملة من الزيات الوزير و من الرخجي الكتاب الذي كان عينا عليه لأخيه الواثق، و كان موكلا باعطائه



[ صفحه 86]



المال و النفقة، لكنه أهانه ذات يوم بأن رمي بكتابه في صحن المسجد عندما ألح عليه في طلب المال.

فكيف تسلم المتوكل أمور السلطنة؟

السبب في توليته يعود الي أمرين:

1-أن الواثق لم يعهد الي أحد من أهل بيته أو ولده.

2-تزكية أصحاب النفوذ و القادة الأتراك له.

فقد أجتمع وزراء السلطنة و هم:

القاضي احمد أبن أبي داوود.

الوزير محمد بن عبدالملك الزيات الوزير.

الكاتبان عمر بن فرج الرخجي، و أحمد بن خالد.

و القائدان التركيان: ايتاخ و وصيف.

و تناظروا فيمن يولونه الخلافة.

فأشار الوزير الزيات الي محمد بن الواثق، و كان صغيرا، و كاد الأمر أن يتم له، الا أنهم لما جاؤوا له و ألبسوه دراعة سوداء، و قلنسوة رصافية، قال لهم وصيف: أما تتقون الله تولون مثل هذا الخلافة؟ و هو ممن لا تجوز معه الصلاة؟ لصغر سنه.

ثم أشار القاضي ابن أبي داوود الي جعفر بن المعتصم،



[ صفحه 87]



فاتفق رأيهم عليه، و أحضروه، فألبسه أحمد بن داوود الطويلة، و العمامة، و قبله بين عينيه و قال:

السلام عليك يا أميرالمؤمنين، و بايعه الحاضرون.

و لنا أن نسأل عن مقومات هذا الاختيار و أهلية من يعين الخليفة و الحاكم؟

تسلم المتوكل أمور الحكم، و بايعه الناس و لبث في الحكم 14 سنة أي بين عام 247 - 232 هجرية حتي قتل و عمره 41 سنة.

و قد عاصر الامام الهادي عليه السلام هذه الفترة الطويلة من حكم المتوكل، و كانت من أشد العهود المظلمة التي مرت علي أهل البيت و شيعتهم.

لقد كانت فترة مضطربة شهدت أحداثا جساما من أهمها:

1-تبديل بعض وجوه الحكم السابق كالوزير الزيات و الكتاب الرخجي، حيث بادر الخليفة لجديد الي اعتقال الزيات و مصادرة جميع أمواله، و بقي في السجن واحدا و أربعين يوما مات بعدها من شدة التعذيب.

و عزل من بعده محمد بن عمر الرخجي من كل وظائفه.

2-الانقلاب علي مدرسة المعتزلة، و الأخذ بقول أهل الحديث، و استمرار فتنة خلق القرآن بالاتجاه المعاكس، اذ أمر المتوكل الناس بالتسليم و التقليد، و أمر الشيوخ و المحدثين



[ صفحه 88]



بالتحديث، و اظهار السنة، و ينقل في هذا الصدد أنه وصل عدد الحدثين في زمانه ثلاثين ألف محدث.

3-كما أظهر في مجلسه اللعب و المضاحك و الهزل، و لم يكن أحد ممن سلف من خلفاء بني العباس قد أظهر ذلك.

و لا نعلم كيف يتوافق هذا مع اطلاق صفة محيي السنة عليه؟

4-تعاظم معاناة العلويين، و شيعة ألأئمة الأطهار. فلقد ضيق الخناق علي الشيعة مع وزيره عبدالله بن يحيي بن خاقان.

و قد امتاز المتوكل علي غيره باظهار الكراهة و البغض لأميرالمؤمنين و سيد الموحدين علي بن أبي طالب عليه السلام و أهل بيته، و هو ما يعرف في العقائد بالنصب، و هو ضد التشيع.

و كان يقصد من يبلغه أنه يتولي عليا و أهله بأخذ المال و الدم.

كما كان من جملة ندمائه و جلسائه جماعة اشتهروا بالنصب و بغض علي، و كانوا يخوفونه من العلويين، و يشيرون عليه بابعادهم، و الاعراض عنهم، و الاساءة اليهم.