عند الوزير عبيدالله بن خاقان
و عرض عبيدالله الأمر علي المتوكل، فقال:
يا عبيدالله لو شككت فيك لقلت أنك رافضي، هذا وكيل فلان (يعني الامام الهادي) و أنا علي قتله عازم.
فوصل الخبر الي علي بن جعفر فكتب الي الامام أبي الحسن:
يا سيدي الله الله في، فقد خفت أن أرتاب.
فأجابه الامام في ذيل الرقعة:
أما اذا بلغ الأمر بك ما أري، فسأقصد الله فيك، و كان هذا ليلة الجمعة. فأصبح المتوكل محموما، فازدادت عليه حتي صرخ عليه
[ صفحه 104]
يوم الجمعة (من خوف نسائه عليه من شدة الحمي) فأمر بتخلية كل محبوس عرض عليه اسمه، و لم يعرض عليه اسم علي بن جعفر، فذكره هو و قال لعبيدالله: لم لا تعرض علي أمره، فقال: لا أعود الي ذكره أبدا.
فقال المتوكل: خل سبيله الساعة وسله أن يجعلني في حل.
فخلي سبيله، و صار الي مكة بأمر أبي الحسن مجاورا [1] .
3-محمد بن الفرج، و قد قبض عليه في مصر، و أحضر الي العراق، و بقي في السجن ثماني سنين.
و يقول الدكتور جاسم حسين:
«نقل الكندي أن الشيعة الامامية في مصر كانوا عرضة لمضايقة و أذي الوالي هناك يزيد بن عبدالله التركي، فقبض علي أبي حدري و هو من كبار العلويين محمد بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب، و علي أصحابه، وكانوا متهمين بالنشاط الخفي ضد الحكومة، و أبعدوا الي العراق في عام 248 هجرية.و يقول الشيخ الكليني أيضا: ان عمليات الحبس و الملاحقة قد أثرت علي أتباع الامام الهادي عليه السلام، فعلي سبيل
[ صفحه 105]
المثال: قتل محمد بن حجر، و حبس حاكم مصر سيف بن الليث، و تزامنا مع تلك الأحداث التي ألقي القبض علي أصحاب الامام الهادي عليه السلام في سامراء،و أصبح وكيلة في الكوفة أيوب بن نوح مطلوبا من قبل قاضيها [2] .
4-كما قتل المتوكل العالم الكبير ابن السكيت. و كان المتوكل قد ألزمه تأديب ولديه المعتز و المؤيد، فقيل له عن ابن السكيت انه شيعة للامام.
فسأله يوما: أيما أحب أليك: أبناي هذان (يعني المعتز و المؤيد)أم الحسن و الحسين؟
فقال ابن السكيت رضوان الله عليه: والله ان قنبر خادم علي بن أبي طالب خير منك و من أبنيك.
فقال المتوكل للأتراك: سلوا لسانه من قفاه، ففعلوا فمات راضيا مرضيا.
و قيل أنه أثني علي الحسن و الحسين عليهماالسلام، و لم يذكر أبنيه، فأمر المتوكل الأتراك فداسوا بطنه، فحمل الي داره فمات بعد غد ذلك اليوم.
5-و قتل محمد بن صالح العلوي ينتهي نسبه الي الامام
[ صفحه 106]
الزكي الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة.
و كان السيد محمد من مفاخر الأسرة النبوية فضلا و أدبا و شجاعة، و قد حسبه الطاغية المتوكل في سامراء.
6-و حبس محمد بن محمد بن جعفر الحسن.
أخذه عبدالله بن طاهر أحد عمال المتوكل فحبسه في نيسابور، فلم يزل في السجن حتي و افته المنية.
و ممن قتل من أتباع الامام أيضا الحسن بن راشد المعروف بأبي علي بن راشد، كان وكيلا لامام، و من ثقاته.
كتب محمد بن الفرج رقعة للامام الهادي جاء فيها:
كتبت أسأله عن أبي علي بن راشد، و عيسي بن جعفر، و عن أبن بند؟
فكتب الي: ذكرت أبن راشد رحمه الله عاش سعيدا، و مات شهيدا، و دعا لابن بند و العاصمي.
و ابن بند ضرب بعمود و قتل و ابن عاصم، ضرب بالسياط علي الجسر ثلاث مائة سوط، ورمي به في نهر دجلة [3] .
و ممن سجن في أيام الامام، اليسع بن حمزة القمي، قال:
[ صفحه 107]
أخبرني عمرو بن مسعدة وزير المعتصم: أنه جاء علي المكروه الفظيع حتي تخوفته علي اراقة دمي، و فقر عيشي، فكتبت الي سيدي أبي الحسن العسكري عليه السلام، أشكو اليه ما حل بي فكتب لي:
لا روع عليك و لا بأس، فادع بهذه الكلمات يخلصك الله و شيكا مما وقعت فيه، و يجعل لك فرجا فان آل محمد صلي الله عليه و اله و سلم يدعون بها عند اشراف البلاء و ظهور الأعداء، و عند تخوف الفقر و ضيق الصدر.
قال اليسع بن حمزة فدعوت الله بالكلمات التي كتب الي سيدي بها صدر النهار، فوالله ما مضي شطره، حتي جاءني رسول عمرو بن مسعدة فقال: أجب الوزير، فنهضت و دخلت عليه، فلما بصر بي تبسم الي، و أمر بالحديد ففك عني و الأغلال فحلت مني، و أمر لي بخلعة من فاخر ثيابه، و أتحفني بطيب، ثم أدناني و قربني، و جعل يحدثني و يعتذر الي، ورد علي جميع ما كان استخرجه مني، و أحسن رفدي، وردني الي الناحية التي كنت أتقلدها، و أضاف اليها الكورة التي تليها [4] .
أما الذين تواروا عن الأنظار بسبب السياسة الظالمة و الملاحقات الآثمة فكثير منهم:
[ صفحه 108]
7-السيد عبد العظيم الحسني الي مدينة الري، و توفي هناك.
8-أحمد بن عيسي بن زيد بن علي بن الحسين بن أبي طالب، كان فاضلا مقدما في أهله، معروفا فضله، مات متواريا.
9-عبدالله بن موسي بن الحسن ن من عيون العلويين، و من مفاخر الأبطال، تواري خوفا من السلطة العباسية [5] .
هذه صور سجلها لنا التاريخ عن معاناة بعض أتباع الامامة، و هي تحكي القهر و العنف، و الذي لا يمكن أبدا أن يولد الاستقرار و الأمن.
پاورقي
[1] ص 183.
[2] الحياة الفكرية و السياسية لأئمة أهل البيت ص 145.
[3] بحار الانوار ج 50 ص 221.
[4] المصدر ص 224.
[5] القرشي ص 290.