الامام مع المتوكل
لم يأذن المتوكل للامام بالدخول عليه عند وصوله الي سامراء، بل أسكن في خان عادي يطلق عليه خان الصعاليك، فأقام فيه يومه، و في اليوم التالي أذن له بالدخول عليه، و قد قابله بمزيد من الحفارة و التكريم، و أجزل له الصلة، و ألزمه بالاقامة في سامراء، ثم أفرد له دارا ليسكن فيها،
و يقول الشيخ المفيد في الارشاد:
ان مدة مقامه في سامراء كان معظما مكرما مبجلا في ظاهر الحال، و المتوكل يبتغي له الغوائل في باطن الأمر، فلم يقدره الله تعالي عليه.
لقد كان من تغييب الامام الهادي عليه السلام من المدينة، و فرض الاقامة الجبرية عليه في بجوار المتوكل:
1-محاصرة الامام و وضع الرقابة اللصيقة عليه في سامراء بعد أن عجز عن الثأثير عليه، و قد قال بعد فشل تلك المحاولات لجلسائه:
[ صفحه 118]
«و يحكم لقد أعياني ابن الرضا، وجهدت أن يشرب معي، أو ينادمني فامتنع، وجهدت أن أجد فرصة في هذا المعني فلم أجدها [1] .
2-التأثير علي مكانة الامام عند شيعته: و ذلك بالامتحان بالأسئلة العلمية تارة و يظهر ذلك في قوله لابن السكيت:
سل أباالحسن مسألة عوصاء بحضرتي، و قد ذكرت هي و غيرها في فصل علم الامام. أو التشهير به أمام شيعته تارة أخري.
و قد روي الشيخ الطوسي عن المنصوري عم أبيه أبي موسي قال:
دخلت يوما علي المتوكل يوما و هو يشرب، فدعاني الي الشرب.
فقلت: يا سيدي ما شربته قط
قال: أنت تشرب مع علي بن محمد
فقلت له: ليس تعرف ما في يدك، انما يضرك و لا يضره (أي أن هذا الكلام لا يصدق في حق الامام، فلا يضره، و انما يضر قائله).
[ صفحه 119]
و من محاولات المتوكل الحط من شأن الامام أمام الخالص و العام ما رواه المسعودي في اثبات الوصية:
أنه لما كان يوم الفطر في السنة التي قتل فيها المتوكل، أمر بني هاشم بالترجل و المشي بين يديه، و انما أراد بذلك أن يترجل أبوالحسن أما أعين الناس.
فترجل بنوهاشم و ترجل عليه السلام، فاتكأ علي رجل من مواليه، فأقبل الهاشميون و قد عظم عليهم الأمر فقالوا له:
يا سيدنا ما في هذا العالم أحد يستجاب دعاؤه، فيكفينا الله؟
فقال لهم أبوالحسن: ما في هذا العالم من قلامة ظفر أكرم علي الله من ناقة ثمود، و لما عقرت ضج الفصيل فقال الله: «تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك و عد غير مكذوب» فقتل المتوكل في اليوم الثالث [2] .
پاورقي
[1] الشاكري ص 224.
[2] الشاكري ص 237.