بازگشت

محاولات القتل


و قد ضاق المتوكل ذرعا بوجود الامام، و سعي لقتله مرارا، بطريقة الاغتيال المكشوف تارة، و أخري بالايعاز الي بعض جلاوزته، و ذلك بعد فشلت المحاولات في استمالته، أو التأثير علي شيعته و محبيه،

و بعد أن منيت و شايات حاشية السوء به الي الخسران، و برهنت الحوادث علي أكاذيبهم، بل كانت الوقائع تزيد في رفعة مكانة الامام عند القريب و البعيد، و لم تشفع تلك البراهين في كف الأذي عن الامام، و مراجعة ذلك الموقف الظالم منه، بل كانت تزيد الحقد حقدا و نار الغيظ اشتعالا في فؤاد المتوكل،و قد روي الفضل بن أحمد الكاتب عن أبيه قال:

كنا مع المعتز، و كان أبي كاتبه، فدخلنا علي المتوكل، و كان جالسا علي سريره و هو ثائر ينظر شزرا الي وزيره الفتح بن خاقان، و قد رفع صوته:



[ صفحه 126]



هذا الذي تقول فيه ما تقول.

و الفتح يخفف من غلوائه، و يقول: انه مكذوب عليه يا أميرالمؤمنين.

فلم يحفل به، وراح يقول:

والله لأقتلن هذا، هذا الذي يدعي الكذب، و يطعن في دولتي.

و أمر باحضار أربعة من الخزر، من الذين لا يفقهون شيئا، و أعطي كل واحد منهم سلاحا، و أمرهم بقتل علي بن محمد اذا دخل عليه، و جعل يتهدد و يتوعد و هو يقول بنبرات تقطر غيظا:

-والله لأحرقن جسده بالنار بعد القتل.

و أقبل الامام، و قد أحاط به حراس القصر، و قد رفعوا أصواتهم بالتهليل و التكبير تعظيما له، و هو يقولون: هذا ابن الرضا.

و لما بصر به المتوكل أخذته هيبتة، و ألقي الله الرعب و الفزع في قلبه، فوثب عن سريره، و استقبله استقبالا حارا، و قبل ما بين عينيه، و هو يقول:يا سيدي يا بن رسول الله، يا خير خلق الله يا بن عمي، يا مولاي يا أباالحسن.و الامام ينصحه، و يعظه، و يحذره من عقاب الله.



[ صفحه 127]



فقال المتوكل: ما جاء بك سيدي في هذا الوقت؟

فقال: جاءني رسولك يقول لي المتوكل يدعوك.

قال المتوكل: كذب ابن الفاعلة أرجع يا سيدي من حيث أتيت، و التفت الي وزيره و أبنائه قائلا:

يا فتح، يا عبدالله، يا معتز شيعوا سيدكم.

و خرج الامام محاطا بهالة من الحفاوة و التكريم، و امتنع الخزر من اغتيال الامام حينما رأوا هيبة، و احتفاء الحرس به، و تعظيم المتوكل له.

و منها محاولة قتله في السجن، علي يد سعيد الحاجب.

ويروي محمد بن أرومة قال: خرجت الي سامراء أيام المتوكل، فدخلت علي سعيد الحاجب، و قد دفع المتوكل أباالحسن اليه ليقتله، فقال لي:

أتحب أن تنظر الي آلهك؟

قلت: سبحان الله آلهي لا تدركه الأبصار.

قال: الذي تزعمون أنه امامكم.

قلت: ما أكره ذلك.

قال أمرت بقتله، و أنا فاعله غدا.



[ صفحه 128]



قال فدخلت عليه و هو جالس و هناك قبر محفور، فسلمت عليه، و بكيت بكاء شديدا، فقال: ما يبكيك.

قلت: ما أري.

قال: لا تبك، لا يتم لهم ذلك، و أنه لا يلبث أكثر من يومين حتي يسفك دمه، و دم صاحبه.

فوالله ما مضي عليه غير يومين حتي قتل [1] .


پاورقي

[1] الشاكري ص 335.