بازگشت

ما روي عنه من أدعية و زيارات


ما كان الأبناء قد دخلوا الغرفة منتظرين أباهم حتي دخل عليهم محييا اياهم، فتلقاه الأبناء بسرور بالغ، فأخذ مجلسه بينهم و الصغير متعلق بأبيه، فقال الأب: هناك موضوعين وعدتكم الحديث عنهما، الأول هو فضائل الامام علي الهادي عليه السلام، و الثاني ما روي عنه عليه السلام من زيارات و أدعية و أعمال، فأي الحديثين نتحدث به اليوم.

فقال الابن الأكبر مداعبا أباه: أظنك يا أبي تريد بحديثك عن ما روي عن الامام الهادي عليه السلام كي لا نسافر الي سامراء لزيارته، أليس كذلك؟

فقال الأب: بالنسبة لزيارة الامام علي الهادي و ابنه الحسن العسكري عليه السلام: فأنا مثلكم في شوق كبير لزيارتهما، و اسأل الله أن يكتبها لي و لكم.

فقال الابن الأكبر: و ما المانع من عدم السفر للزيارة يا أبي؟

فقال الأب: لا مانع يا ولدي، الا أني أردت الفراغ من



[ صفحه 46]



الحديث عن الهادي و العسكري و القائم عليهم السلام كي يكون لزيارتنا طعم آخر.

فقال الابن الأكبر: و كيف يكون للزيارة طعم آخر يا أبي؟

الأب: حينما نتحدث عنهم عليهم السلام، أكون أنا قد استذكرت سيرتهم العطرة، و أنتم قد تعرفتم علي سيرة حياتهم، و بذلك سيكون طعم الزيارة أكثر مذاقا، و أكبر شوقا، و أحسن استذكارا.

فقال الابن الأكبر: اذا حدثنا عن ما روي عنه عليه السلام من أدعية و زيارات و أعمال عبادية.

فقال الأب: هناك حديث مروي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال فيه مخاطبا وصيه و ابن عمه و أخاه علي بن أبي طالب عليه السلام: يا علي، ما عرف الله الا أنا و أنت، و ما عرفني الا الله و أنت، و ما عرفك الا الله و أنا.

و هذا الحديث يدلل بشكل قاطع أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و وصيه أميرالمؤمنين عليه السلام هما من عرفا الله تعالي حق معرفته، و بذلك تكون عبادتهم له بما هو أهل لذلك، و يكون توسلهم و دعاؤهم الله جل جلاله بمقدار معرفتهم.

و لأن آل البيت الأطهار عليهم السلام ورثوا علم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الذي علمه لعلي عليه السلام، فهم بهذه الحال يكون علمهم و معرفتهم لخالقهم لا تقل عن معرفة أميرالمؤمنين عليه السلام بخالقه جل جلاله، و الامام الهادي هو أحد الأئمة الاطهار عليهم السلام الذين ورثوا ذلك العلم، كان علما في الايمان و الزهد و العبادة و الخشية، فمن مناجاة له عليه السلام كان يقول فيها:



[ صفحه 47]



الهي، مسيي ء قد ورد، و فقير قد قصد، لا تخيب مسعاه، و ارحمه، و اغفر خطأه.

و كان عليه السلام يقدم بين يدي حاجاته و دعواته الوجهاء عند الله تعالي: جده المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم و الوصي المرتضي عليه السلام، و كان يوصي المسلمين بذلك، فمن وصاياه عليه السلام في هذا الخصوص قال: تقول عند قبر أميرالمؤمنين عليه السلام، و آل البيت النبوي.

السلام عليك يا ولي الله، أنت أول مظلوم، و أول من غصب حقه، و صبرت و احتسبت حتي آتاك اليقين، فأشهد أنك لقيت الله و أنت شهيد، عذب الله قاتلك بأنواع العذاب، و جدد عليه العذاب، جئتك عارفا بحقك، مستبصرا بشأنك، معاديا لأعدائك و من ظلمك، ألقي علي ذلك ربي ان شاء الله، يا ولي الله، أن لي ذنوبا كثيرة، فاشفع لي الي ربك، فان لك عند الله مقاما معلوما، و أن لك عند الله جاها و شفاعة، و قد قال الله تعالي: (و لا يشفعون الا لمن ارتضي) [1] .

و من وصاياه عليه السلام أنه قال: تقول عند قبر الحسين عليه السلام: السلام عليك يا أباعبدالله، السلام عليك يا حجة الله في أرضه، و شاهده علي خلقه، السلام عليك يابن رسول الله، السلام عليك يابن علي المرتضي السلام عليك يابن فاطمة الزهراء. أشهد أنك قد أقمت الصلاة. و آتيت الزكاة. و أمرت بالمعروف. و نهيت عن المنكر، و جاهدت في سبيل الله، حتي آتاك اليقين، فصلي الله عليك حيا و ميتا.



[ صفحه 48]



و قال عليه السلام: تضع خدك الأيمن علي القبر و تقول: أشهد أنك علي بينة من ربك، جئت مقرا بالذنوب، لتشفع لي عند ربك، يابن رسول الله.

ثم قال عليه السلام: ثم تقول قاصدا الأئمة عليهم السلام: أشهد أنكم حجج الله.

و تقول: اكتب لي عندك ميثاقا و عهدا، اني أتيتك مجددا الميثاق، فاشهد لي عند ربك، انك أنت الشاهد [2] .

و من وصاياه عليه السلام في السفر كما روي السيد ابن طاوس في أمان الأخطار، عن أبي محمد القاسم بن علاء عن الصافي خادم الامام علي التقي عليه السلام أنه قال: استأذنته في الزيارة الي طوس، فقال لي: يكون معك خاتم فصه عقيق أصفر، عليه ما شاء الله لا قوة الا بالله استغفر الله، و علي الجانب الآخر: محمد و علي، فانه أمان من القطع، و أتم للسلامة، و أصون لدينك.

قال الصافي: فخرجت و أخذت خاتما علي الصفة التي أمرني عليه السلام بها، ثم رجعت اليه لوداعه، فودعته و انصرفت، فلما بعدت أمر بردي، فرجعت اليه، فقال عليه السلام: يا صافي، قلت: لبيك يا سيدي، قال عليه السلام: ليكن معك خاتم آخر من فيروزج، فانه يلقاك في طريقك أسد بين طوس و نيشابور، فيمنع القافلة من المسير، فتقدم اليه و أره الخاتم، و قل له: مولاي يقول لك: تنح عن الطريق، ثم قال عليه السلام: ليكن نقشه: الله الملك، و علي الجانب الآخر: الملك لله الواحد القهار، فان خاتم أميرالمؤمنين عليه السلام كان



[ صفحه 49]



عليه: الله الملك، فلما ولي الخلافة نقش علي خاتمه: الملك لله الواحد القهار، و كان فصه فيروزج، و هو أمان من السباع خاصة، و ظفر في الحرب.

قال الخادم: فخرجت في سفري ذلك، فلقيني و الله السبع، ففعلت ما أمرت به، فلما رجعت حدثته، فقال عليه السلام لي: بقيت عليك خصلة لم تحدثني بها، ان شئت حدثتك بها، فقلت: يا سيدي، أذكر علي لعلي نسيتها، فقال عليه السلام: نعم، بت ليلة بطوس عند القبر، فصار الي القبر قوم من الجن لزيارته، فنظروا الي الفص في يدك، و قرأوا نقشه، فأخذوه عن يدك، و صاروا به الي عليل لهم، و غسلوا الخاتم بالماء، و سقوه ذلك الماء فبري ء، وردوا الخاتم اليك، و كان في يدك اليمني، فصيروه في يدك اليسري، فكثر تعجبك من ذلك، و لم تعرف السبب فيه، و وجدت عند رأسك حجرا ياقوتا، فأخذته و هو معك، فاحمله الي السوق، فانك ستبيعه بثمانين دينارا، و هو هدية القوم اليك.

قال الصافي: فحملته الي السوق، و بعته بثمانين دينارا كما قال سيدي عليه السلام.

و روي عن موسي بن عبدالله النخعي أنه قال للامام علي التقي عليه السلام: علمني يابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قولا أقوله بليغا كاملا اذا زرت أحدا منكم، فقال له الامام عليه السلام: اذا صرت الي الباب فقف و اشهد الشهادتين أي قل: أشهد أن لا اله الا الله، وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا صلي الله عليه و آله عبده و رسوله، ثم قال عليه السلام له: و أنت علي غسل، فاذا دخلت و رأيت القبر فقف و قل: الله أكبر، ثلاثين مرة، ثم امش قليلا و عليك السكينة و الوقار،



[ صفحه 50]



و قارب بين خطاك، ثم قف و كبر الله عزوجل، ثلاثين مرة، ثم ادن من القبر و كبر الله، أربعين مرة، تمام مائة تكبيرة ثم قل: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، و موضع الرسالة، و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي، و قادة الأمم، و أولياء النعم، و عناصر الأبرار، و دعائم الأخيار، و ساسة العباد، و أركان البلاد، و أبواب الايمان، و أمناء الرحمن، و سلالة النبيين، و صفوة المرسلين، و عترة خيرة رب العالمين، و رحمة الله و بركاته.

السلام علي أئمة الهدي، و مصابيح الدجي، و أعلام التقي، و ذوي النهي، و أولي الحجي، و كهف الوري، و ورثة الأنبياء، و المثل الأعلي، و الدعوة الحسني، و حجج الله علي أهل الدنيا، و الآخرة و الأولي [3] ، و رحمة الله و بركاته.

السلام علي الأئمة الدعاة، و القادة الهداة، و السادة الولاة، و الذادة الحماة، و أهل الفكر، و أولي الأمر، و بقية الله و خيرته، و حزبه و عيبة علمه، و حجته و صراطه، و نوره و برهانه، و رحمة الله و بركاته.

أشهد أن لا اله الا الله، وحده لا شريك له، كما شهد الله لنفسه، و شهدت له ملائكته، و أولوا العلم من خلقه، لا اله الا هو



[ صفحه 51]



العزيز الحكيم، و أشهد أن محمدا عبده المنتجب، و رسوله المرتضي، أرسله بالهدي و دين الحق، ليظهره علي الدين كله، و لو كره المشركون، و أشهد أنكم الأئمة الراشدون، المهديون المعصومون المكرمون، المقربون المتقون الصادقون، المصطفون المطيعون لله، القوامون بأمره، العاملون بارادته، الفائزون بكرامته، اصطفاكم بعلمه، و ارتضاكم لغيبه، و اختاركم لسره، و اجتباكم بقدرته، و أعزكم بهداه، و خصكم ببرهانه، و انتجبكم لنوه (بنوره)، و أيديكم بروحه، و رضيكم خلفاء في أرضه، و حججا علي بريته، و أنصارا لدينه، و حفظة لسره، و خزنة لعلمه، و مستودعا لحكمته، و تراجمة لوحيه، و أركانا لتوحيده، و شهداء علي خلقه، و أعلاما لعباده، و منارا في بلاده، و أدلاء علي صراطه، عصمكم الله من الزلل، و آمنكم من الفتن، و طهركم من الدنس، و أذهب عنكم الرجس، و طهركم تطهيرا، فعظمتم جلاله، و أكبرتم شأنه، و مجدتم كرمه، و أدمتم ذكره، و وكدتم ميثاقه (و ذكرتم ميثاقه)، و أحكمتم عقد طاعته، و نصحتم له في السر و العلانية، و دعوتم الي سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة، و بذلتم أنفسكم في مرضاته، و صبرتم علي ما أصابكم في جنبه (في حبه)، و أقمتم الصلاة، و أتيتم الزكاة، و أمرتم بالمعروف، و نهيتم عن المنكر، و جاهدتم في الله حق جهاده، حتي أعلنتم دعوته، و بينهم فرائضه، و أقمتم حدوده، و نشرتم شرائع أحكامه، و سننتم سنته، و صرتم في ذلك منه الي الرضا، و سلمتم له القضاء، و صدقتم من رسله من مضي، فالراغب عنكم مارق، و اللازم لكم لاحق، و المقصر في حقكم زاهق، و الحق معكم و فيكم، و منكم و اليكم، و أنتم أهله و معدنه، و ميراث النبوة عندكم، و اياب الخلق اليكم، و حسابهم عليكم، و فصل الخطاب عندكم،



[ صفحه 52]



و آيات الله لدينكم، و عزائمه فيكم، و نوره و برهانه عندكم، و أمره اليكم، من والاكم فقد والي الله، و من عاداكم فقد عادي الله، و من أحبكم فقد أحب الله، و من أبغضكم فقد أبغض الله، و من اعتصم بكم فقد اعتصم بالله، أنتم الصراط الأقوم، و شهداء دار الفناء، و شفعاء دار البقاء، و الرحمة الموصولة، و الآية المخزونة، و الأمانة المحفوظة، و الباب المبتلي به الناس، و من آتاكم نجا، و من لم يأتكم هلك، الي الله تدعون، و عليه تدلون، و به تؤمنون، و له تسلمون، و بأمره تعملون، و الي سبيله ترشدون، و بقوله تحكمون، سعد من والاكم، و هلك من عاداكم، و خاب من جحدكم، و ضل من فارقكم، و فاز من تمسك بكم، من اتبعكم فالجنة مأواه، و من خالفكم فالنار مثواه، و من جحدكم كافر، و من حاربكم مشرك، و من رد عليكم في أسفل درك من الجحيم، أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضي، و جار لكم فيما بقي، و أن أرواحكم و نوركم و طينتكم واحدة، طابت و طهرت بعضها من بعض، خلقكم الله أنوارا، فجعلكم بعرشه محدقين، حتي من علينا بكم، فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه، و جعل صلاتنا (صلواتنا) عليكم، و ما خصنا به من ولايتكم، طيبا لخلقنا، و طهارة لأنفسنا، و تزكية لنا، و كفارة لذنوبنا، فكنا عنده مسلمين بفضلكم، و معروفين بتصديقنا اياكم، فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين، و أعلي منازل المقربين، و أرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لاحق، و لا يفوقه فائق، و لا يسبقه سابق، و لا يطمع في ادراكه طامع، حتي لا يبقي ملك مقرب، و لا نبي مرسل، و لا صديق و لا شهيد، و لا عالم و لا جاهل، و لا دني و لا فاضل، و لا مؤمن صالح، و لا فاجر طالح، و لا جبار عنيد، و لا شيطان مريد، و لا خلق فيما بين ذلك شهيد، الا عرفهم



[ صفحه 53]



جلالة أمركم، و عظم خطركم، و كبر شأنكم، و تمام نوركم و صدق مقاعدكم، و ثبات مقامكم، و شرف محلكم، و منزلتكم عنده، و كرامتكم عليه، و خاصتكم لديه، و قرب منزلتكم منه... [4] .

ثم قال الأب لأبنائه: أما ترون أني قد تبعت يا أبنائي؟

فقال الابن الأكبر: كفانا اليوم ما حدثتنا يا أبي، و جزاك الله عنا خيرا. فقام الأب، و قام الأبناء و ودع كل منهم الآخرين متمنين لهم ليلة سعيدة.



[ صفحه 54]




پاورقي

[1] رواه الكليني عن أبي الحسن علي الهادي عليه السلام. و ذكره الشيخ القمي في مفاتيح الجنان: ص 468، طبع دار الرسول الأكرم صلي الله عليه و آله و سلم. لبنان، بيروت 1996.

[2] رواه الكليني عن الامام الهادي عليه السلام. و ذكره الشيخ عباس القمي في كتابه مفاتيح الجنان: ص 545.

[3] ذكر السيد عبدالله شبر في كتابه مصابيح الأنوار: ج 2، ص 303، قال: و في المراد بلفظ الأولي خفاء، و يمكن توجيهه بوجوه: الأول: أن يكون المراد بها، النشأة الأولي التي في عالم الذر و خلق الأرواح قبل الأبدان، بألفي عام، فان الله احتج عليهم بهم عليهم السلام، كما ورد في الحديث أنه قال لهم: ألست بربكم، و محمد نبيكم، و علي امامكم. الثاني: أن تكون الأولي صفة الحجج، فأنهم عليهم السلام أولي الحجج. الثالث: أن يكون أتي به لتأكيد الدنيا أو لرعاية السجع، أو المراد أهل الملة الآخرة و أهل الملة الأولي. الرابع: أن يقرأ الأولي بأفعل التفضيل، فانهم أكمل حجج الله تعالي علي خلقه.

[4] ذكر الزيارة الجامعة هذه الشيخ عباس القمي في كتابه مفاتيح الجنان: ص 677، و قد أوردت الزيارة هنا غير كاملة، فأرجوا مراجعتها في كتاب مفاتيح الجنان، و قراءتها و الدوام عليها لما لها من الأهمية و الشأن.