بازگشت

شهادته و أولاده


حضر الأب مبكرا هذا اليوم، فتلقاه أبناؤه بفرح و ترحاب، و تقدمهم أبوهم نحو الغرفة و أخذ مجلسه، و كذلك فعل أبناؤه، و ما هي الا دقائق حتي بدأ الأب حديثه قائلا:

سبق و أن حدثتكم أن الامام علي الهادي عليه السلام عاصر مجموعة من الخلفاء العباسيين ابتداء من المعتصم العباسي الذي أقدم علي سم أبيه الامام محمد بن علي عليهماالسلام ثم الواثق و المتوكل و المستنصر و المستعين و المعتز و في آخر ملك المعتمد استشهد مسموما.

كان يوما حزينا مؤلما علي المسلمين عامة ناهيك عن الموالين من شيعتهم، لما امتاز به من السماحة و العلم و الحكمة و التواضع و الزهد في الحياة الدنيا، و كما هي عادة الخلفاء العباسيين حينما يقدموا علي قتل واحد من آل البيت الأطهار، يحاولوا خداع الناس من أن ليس لهم يد في ذلك و انما الوفاة حصلت اما نتيجة علة أو قدرا مقدورا من الله تعالي، و هكذا عمل من كان علي هواهم من الناس، الا أن للتاريخ لسان، و للحقيقة صوت لا بد أن يظهر ليلقي



[ صفحه 80]



علي مسامع الناس و عقولهم كلمة الحق التي يجب أن تظهر رغم محاولة تشويشها و كتمانها.

ثم قال الأب: اتفقت أكثر الروايات الا من شذ علي أن سنة استشهاده كانت سنة مائتين و أربعة و خمسين بعد الهجرة النبوية الشريفة، و اختلف في يوم وفاته، فمن قائل أنها كانت يوم الاثنين ثالث رجب و هي رواية علي بن ابراهيم، و في رواية أخري أنها كانت في الخامس و العشرين من جمادي الآخرة، و هي رواية ابن الخشاب، و منهم من قال أنها في السابع و العشرين منه، و غيرهم ذكر أنها في السادس و العشرين منه.

فقال الابن الأكبر: أذكر لنا يا أبي بعض روايات الذين اتفقوا علي أن سنة وفاته عليه السلام كانت سنة مائتين و أربعة و خمسين؟

فقال الأب: سأذكر لكم ثلاث روايات لثلاث منهم، كمثال علي ذلك.

فقد ذكر الديار بكري في كتابه الخميس فقال: و توفي (يعني الامام الهادي عليه السلام) في زمن المستنصر [1] في سر من رأي من نواحي بغداد يوم الاثنين من أواخر جمادي الآخرة سنة أربع و خمسين و مائتين للهجرة [2] .

و ذكر اليعقوبي فقال: و توفي الامام علي الهادي عليه السلام بسر من رأي يوم الأربعاء لثلاث بقين من جمادي الآخرة سنة أربع و خمسين و مائتين [3] .



[ صفحه 81]



و ذكر المسعودي فقال: و اعتل أبوالحسن عليه السلام علته التي مضي فيها سنة أربع و خمسين و مائتين [4] .

ثم قال الأب: و كما اختلف الرواة بيوم وفاة الامام الهادي عليه السلام فقد اختلفوا أيضا فيمن سمه من الخلفاء العباسيين، فبعضهم قال أنه المتوكل، و قال آخرون أنه المستعين، و قيل المعتز و قيل المعتمد، الا أن المشهور أن المعتمد العباسي هو الذي سمه، و قيل أنه المعتز العباسي [5] .

و قبل وفاته عليه السلام كان أوصي بالامامة بعده لابنه الحسن بن علي عليهماالسلام الذي يلقب بالعسكري، فمن رواية للمسعودي قال: و اعتل أبوالحسن علته التي مضي فيها سنة أربع و خمسين و مائتين، فأحضر أبامحمد ابنه عليهماالسلام فسلم اليه النور و الحكمة و مواريث الأنبياء و السلاح، و أوصي اليه و مضي صلي الله عليه و سلم، و سنه كان أربعون سنة، و كان مولده في رجب سنة أربع عشرة و مائتين من الهجرة [6] .

و توفي الامام الهادي عليه السلام فغسله ابنه و خليفته الامام الحسن العسكري عليه السلام و كفنه و صلي عليه، و خرج في جنازته و قميصه مشقوق، فكتب اليه ابن عون الأبرش قرابة نجاح بن سلمة: من رأيت أو بلغك، من الأئمة شق ثوبه في مثل هذا، فكتب اليه أبومحمد عليه السلام: يا أحمق، و ما يدريك ما هذا؟ قد شق موسي علي هارون [7] .



[ صفحه 82]



كان نقش خاتم الامام علي الهادي عليه السلام كما في الفصول المهمة: الله ربي و هو عصمتي من خلقه.

و في كشف الغمة للآربلي كان نقش خاتمه عليه السلام حفظ العهود من أخلاق المعبود.

الابن الأكبر: و كم كان له عليه السلام من الأبناء يا أبي؟

الأب: ذكر صاحب عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: أن الامام الهادي عليه السلام كان له من الأولاد ثلاثة، و هم الامام الحسن العسكري عليه السلام و جعفر و محمد [8] .

و ذكر الشيخ المفيد في كتابه الارشاد أنه عليه السلام: خلف من الولد: أبامحمد الحسن و هو الامام بعده، و الحسين و محمدا و جعفرا، و ابنته علية [9] .

و قد زاد البعض عليهم: زيدا و موسي و عبدالله.

فأما ابنه الحسين: فقد روي أنه كان زاهدا عابدا معترفا بامامة أخيه الحسن العسكري عليه السلام، و أن بعض المؤرخين يطلقون عليه و أخيه الحسن العسكري عليه السلام: بالسبطين، تشبيها بالحسن و الحسين عليهماالسلام ابني أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام [10] .

و أما ابنه عليه السلام الثاني فهو محمد، و كنيته أباجعفر، و كان فقيها عالما عابدا زكيا، أراد النهضة الي الحجاز فسافر في حياة أخيه [11] .



[ صفحه 83]



حتي بلغ بلدا، و هي قرية فوق الموصل بسبعة فراسخ، فمات بالسواد، فدفن هناك، و عليه مشهد [12] ، و هو الذي يعرف بالسيد و سبع الدجيل.

و ابنه عليه السلام الثالث هو جعفر: و يكني بأبي عبدالله، و يلقب بالكذاب لا دعائه الامامة بعد أخيه، الا أن الله تعالي تاب عليه بعد أن استغفر و أناب و اعترف بامامة ابن أخيه الحجة المنتظر عليه السلام، و هذا ما تؤمن به الشيعة الامامية، اعتمادا علي ما روي عن المؤرخين و الأعلام، و يكني جعفر أيضا بأبي كرين (أبي البنين) لكثرة ما أولد، و كان يقال لولده الرضويين نسبة الي جدهم الامام الرضا عليه السلام.

و قد أعقب جعفر بن علي الهادي عليه السلام من جماعة، انتشر منهم عقب ستة ما بين مقل و مكثر و هم: اسماعيل حريفا من ولده ناصر و محمد أبوالبقاء، ثم طاهر بن جعفر و من ولده محمد ثم يحيي الصوفي و من ولده المحسن، ثم هارون بن جعفر و من ولده علي، ثم علي بن جعفر من ولده عبدالله، ثم ادريس بن جعفر و من ولده القاسم [13] .

و ابنه الرابع الامام الحسن العسكري عليه السلام فهو وارث الامامة و العلم و الحلم و الحكمة و فصل الخطاب.

فقطع الابن الأكبر كلام أبيه بلهجة المداعبة: و هو ما سنتحدث عنه في حينه ان شاء الله تعالي.



[ صفحه 84]



فابتسم الاب ابتسامة عريضة، و كرر ما قاله ابنه الأكبر، ثم نهض من مكانه و نهض معه أبناؤه و كل واحد يتمني للآخرين ليلة سعيدة.


پاورقي

[1] لا يوجد من بين خلفاء العباسيين الذين عاصرهم الامام الهادي عليه السلام من يحمل اسم المستنصر، و الذي اعتقده أنه خطأ مطبعي أو ما شاكل، و أن المراد به المنتصر العباسي.

[2] تاريخ الخميس: ج 2، ص 321.

[3] تاريخ اليعقوبي: ج 3، ص 25.

[4] كتاب الوصية: ص 199.

[5] راجع عمدة الطالب: ص 198، عن هامش الأصل. و الصواعق المحرقة: ص 207.

[6] المسعودي في كتاب الوصية: ص 199، طبعة النجف.

[7] وراه الكشي، و غيره. و ذكره السيد عبدالله شبر في كتابه جلاء العيون: ج 3، ص 119.

[8] عمدة الطالب: ص 199.

[9] و مثله في أعلام الوري: للطبرسي. و مناقب ابن شهر آشوب.

[10] ذكر ذلك عبد الرزاق شاكر البدري في كتابه سيرة الامام العاشر الطبعة الثانية، ص 22.

[11] المشهور أن وفاته عليه السلام كانت في حياة أبيه عليه السلام.

[12] عمدة الطالب: هامش، ص 199 عن المجدي.

[13] راجع عمدة الطالب. و كتابنا أنساب آل البشير طبع دار الهادي بيروت لبنان.