بازگشت

عناية الحكام لصرف الامامة عن هذا البيت


قال المسعودي : و قام أبوالحسن بأمر الله جل و علا في سنة عشرين و مائتين و له ست سنين و شهور في مثل سن أبيه عليهماالسلام بعد ملك المعتصم بسنتين، فروي الحميري : عن محمد بن سعيد مولي لولد جعفر بن محمد قال : قدم عمر بن الفرج الرخجي [1] و له مواقف صلفة مع آل الرسول، ففي الكافي عن محمد بن سنان قال : دخلت علي أبي الحسن عليه السلام - يعني الهادي - فقال : يا محمد! حدث بآل فرج حدث؟ فقلت : مات عمر، فقال : الحمدلله - حتي أحصيت له أربعا و عشرين مرة - فقلت : يا سيدي لو علمت أن هذا يسرك لجئت حافيا أعدو اليك.

قال يا محمد : أولا تدري ما قال لعنه الله لمحمد بن علي أبي؟ قال : قلت : لا، قال : خاطبه في شي ء فقال : أظنك سكران، فقال أبي : اللهم ان كنت تعلم أني أمسيت لك صائما فأذقه طعم الحرب، و ذل الأسر.

فوالله ان ذهبت الأيام حتي حرب ماله، و ما كان له، ثم اخذ أسيرا و هو ذا قدمات - لا رحمه الله - و قد أدال الله عزوجل منه و ما زال يديل [2] أولياءه من أعدائه. (البحار 50 : 221- الكافي 1 : 496 / 9).

و من مظالمه ما ذكره أبوالفرج الاصفهاني حيث قال : استعمل المتوكل علي المدينة و مكة عمر بن الفرج الرخجي، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، و منع الناس من البر بهم، و كان لا يبلغه أن أحدا أبر أحدا منهم بشي ء و ان قل الا أنهكه عقوبة و أثقله غرما.

حتي كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة، ثم يرقعنه و يجلسن علي مغازلهن عواري حواسر.. الخ (مقاتل الطالبيين : 396 طبع النجف - البحار 50 : 100/ه)

قال المسعودي : في سنة 233 سخط المتوكل علي عمر بن الفرج، و أخذ منه مالا و جواهرا مائة ألف و عشرين ألف دينار ثم صالحه علي مقدار... و غضب عليه مرة ثانية، ثم أمر أن يصفع في كل يوم فاحصي ما صفع فكانت ستة الآف صفعة [3] ،... ثم غضب عليه ثالثة و أحدر الي بغداد، و أقام بها حتي مات. (مروج الذهب 4 : 117 - البحار 50 : 221).

و الظاهر أن محمد بن الفرج الرخجي هو أخوه الا أنه شتان ما بينهما، و هذا من اصحاب أبي الحسن الرضا و الجواد و الهادي عليهم السلام له كتاب المسائل، و يظهر من بعض الأخبار أنه كان وكيل أبي الحسن الهادي (ع) كما في الخرائج، و سكن بغداد الجانب الغربي ثم خرج الي سر من رأي و قبض بها. (هامش البحار 50 : 141). المدينة حاجا بعد مضي أبي جعفر عليه السلام فأحضر جماعة من أهل المدينة



[ صفحه 15]



و المخالفين المعاندين لأهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال لهم : ابغوا لي رجلا من أهل الأدب و القرآن و العلم لا يوالي أهل هذا البيت لأضمه الي هذا الغلام، و اوكله بتعليمه، و أتقدم اليه بأن يمنع منه الرافضة الذين يقصدونه و يعسونه [4] ، فسموا له رجلا من أهل الأدب يكني أباعبدالله، و يعرف بالجنيدي متقدما عند أهل المدينة في الأدب و الفهم، ظاهر الغضب [5] و العداوة، فأحضره عمر بن الفرج و أسني له الجاري من مال السلطان، و تقدم اليه بما أراد، و عرفه أن السلطان أمره باختيار مثله و توكيله بهذا الغلام.

قال : فكان الجنيدي يلزم أباالحسن في القصر بصريا، فاذا كان الليل أغلق الباب و أقفله و أخذ المفاتيح اليه فمكث علي هذه مدة، و انقطعت الشيعة عنه و عن



[ صفحه 16]



الاستماع منه و القراءة عليه، ثم اني لقيته في يوم جمعة فسلمت عليه، و قلت له : ما قال هذا الغلام الهاشمي الذي تؤدبه، فقال منكرا علي : تقول الغلام و لا تقول الشيخ الهاشمي! انشدك الله هل تعلم بالمدينة أعلم مني؟ قلت : لا، قال : فاني و الله أذكر له الحزب من الأدب أظن أني قد بالغت فيه، فيملي علي بابا فيه أستفيده منه.

ثم لقيته بعد ذلك فسلمت عليه و سألته عن خبره و حاله، ثم قلت ما حال الفتي الهاشمي؟ فقال لي : دع هذا القول عنك، هذا و الله خير أهل الأرض و أفضل من خلق الله، انه لربما هم بالدخول فأقول له : تنظر حتي تقرأ عشرك، فيقول لي : أي السور تحب أن أقرأها، أنا أذكر له من السور الطوال ما لم تبلغ اليه [فيهذها] [6] بقراءة لم أسمع أصح منها من أحد قط، و جزم أطيب من مزامير داود النبي عليه السلام الذي اليها من قراءته يضرب المثل، قال : ثم قال : هذا مات أبوه بالعراق، و هو صغير بالمدينة و نشأ بين هذه الجواري السود فمن أين علم هذا.

قال : ثم ما مرت به الأيام و الليالي حتي لقيته فوجدته قد قال بامامته و عرف الحق و قال به [7] .


پاورقي

[1] الرخجي، منسوب الي رخج : كورة من نواحي كابل، و كان هو و أبوه من أعيان الكتاب في أيام المأمون الي أيام المتوكل شبيها بالوزراء و ذوي الدواوين الجليلة (معجم البلدان 3 : 38).

[2] الادالة : الغلبة، يقال : اديل لنا علي أعدائنا أي نصرنا عليهم (اللسان : دول).

[3] الصفع : الضرب علي القفا بجمع الكف، و قيل : هو أن يبسط كفه فيضرب، و هذا من نهاية الذل و الهوان كما دعا عليه ابوجعفر الجواد (ع) - هامش البحار.

[4] عس يعس اذا طلب، و اعتس الشي ء : طلبه ليلا أو قصده (اللسان : عسس) و في نسخة : يمسونه.

[5] الظاهر أن يكون هكذا : ظاهر النصب.

[6] الهذو الهذذ : سرعة القطع و سرعة القراءة، و هذا القرآن يهذه هذا : يسرده (اللسان : هذذ).

[7] اثبات الوصية : 244.