ابرز ملامح صفاته
لقد كان الامام الهادي عليه السلام كآبائه حاويا لمكارم الأخلاق و محامد الصفات و قد سجل لنا التاريخ نماذج كثيرة منها في أبعادها و صورها، و ها نحن نسرد منها ما يتيسر لنا استقصاؤه من السير مقتصرين علي نقل المتون و محل الشاهد بحذف الأسناد، و هي علي أقسام :
أحدها : العلم : و سنبين ما ظهر من علومه و بليغ حكمه ان شاءالله في فصل مستقل.
[ صفحه 17]
ثانيها : الحلم : و يكفي في اثبات ذلك ما صدر منه تجاه بريحة الذي سعي عليه عند المتوكل، و سيأتي فيما بعد تفصيله أيضا [1] .
ثالثها : السخاء و الكرم :
قال في المناقب : دخل أبوعمرو عثمان بن سعيد و أحمد بن اسحاق الاشعري و علي بن جعفر الهمداني علي أبي الحسن العسكري عليه السلام فشكي اليه أحمد بن اسحاق دينا عليه، فقال : يا عمرو - و كان وكيله - ادفع اليه ثلاثين ألف دينار و الي علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار وخذ أنت ثلاثين ألف دينار، (قال) : فهذه معجزة لا يقدر عليها الا الملوك و ما سمعنا بمثل هذا العطاء [2] .
و في المناقب : قال اسحاق الجلاب : اشتريت لأبي الحسن عليه السلام غنما كثيرة يوم التروية فقسمها في أقاربه [3] .
و لعل هذا يدل علي اهتمام الامام (ع) بأمر الاضحية حيث يقدم لأقاربه أغناما ليتمكنوا من تضحيتها يوم الاضحي، و الحال أنهم كانوا غير متمكنين من الاضحية لو لم يفعل الامام ذلك.
رابعها : الهيبة و العظمة في قلوب الناس :
في اعلام الوري : بسنده عن محمد بن الحسن الأشتر العلوي قال : كنت مع أبي علي باب المتوكل و أنا صبي في جمع من الناس ما بين طالبي الي عباسي و جعفري، و نحن وقوف اذ جاء أبوالحسن فترجل الناس كلهم حتي دخل، فقال بعضهم لبعض : لمن نترجل [4] ، لهذا الغلام، و ما هو بأشرفنا و لا بأكبرنا و لا بأسننا [5] ؟ و الله لا ترجلنا له! فقال أبوهاشم الجعفري : و الله لتترجلن له صغرة اذا رأيتموه فما هو الا أن أقبل
[ صفحه 18]
و بصروا به حتي ترجل له الناس كلهم، فقال لهم أبوهاشم : أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له؟ فقالوا له : و الله ما ملكنا أنفسنا حتي ترجلنا [6] .
پاورقي
[1] أوردناه في فصل ردود الفعل من الناس.
[2] المناقب 4 : 409.
[3] المناقب 4 : 411.
[4] في اعلام الوري و البحار : لم نترجل.
[5] في رحاب ائمة أهل البيت : و لا بأكبرنا سنا.
[6] في رحاب ائمة أهل البيت 4 : 176 - اعلام الوري : 343، و أورد مثله في البحار باختلاف يسير 50 : 137 / 20.