بازگشت

معاجزه و كراماته


للأئمة عليهم السلام معاجز و كرامات يمتازون بها عن سائر الناس لما ثبت لهم من الولاية التكوينية، و كيف لا تكون لهم هذه و الحال نري أنه يقول جل و علا في الحديث القدسي : (عبدي أطعني أجعلك مثلي.. أنا أقول للشي ء كن فيكون، أطعني فيما أمرتك تقول للشي ء كن فيكون) [1] و هم في الواقع و الحقيقة في الاطاعة لله عزوجل لا يشابههم أحد و لا يضاهي مرتبتهم بشر، و لذلك سجل التاريخ لهم صورا من المعاجز و الكرامات، و من جملتهم هو الامام الهادي عليه السلام فها نحن نسرد ما ورد عنه في هذا الحقل.

اما المعاجز

1- البحار : عن اسحاق الجلاب [2] قال : اشتريت لأبي الحسن عليه السلام غنما كثيرة فدعاني فأدخلني من اصطبل [3] داره الي موضع واسع لا أعرفه، فجعلت افرق تلك الغنم فيمن أمرني به.

فبعثت الي أبي جعفر [4] و الي والدته و غيرهما ممن أمرني ثم استأذنته في الانصراف الي بغداد الي والدي، و كان ذلك يوم التروية، فكتب الي : تقيم غدا عندنا



[ صفحه 19]



ثم تنصرف قال : فأقمت فلما كان يوم عرفة أقمت عنده و بت ليلة الأضحي في رواق له : فلما كان في السحر أتاني فقال لي : يا اسحاق قم، فقمت ففتحت عيني فاذا أنا علي بابي ببغداد فدخلت علي والدي و أتاني أصحابي فقلت لهم : عرفت بالعسكر، و خرجت الي العيد ببغداد [5] .

2- البحار : عن زرارة حاجب المتوكل أنه قال : وقع رجل مشعبذ من ناحية الهند الي المتوكل يلعب بلعب الحق [6] لم ير مثله، و كان المتوكل لعابا فأراد أن يخجل علي بن محمد بن الرضا فقال لذلك الرجل : ان أنت أخجلته أعطيتك ألف دينار زكية.

قال : تقدم بأن يخبز رقاق خفاف و اجعلها علي المائدة و أقعدني الي جنبه ففعل و أحضر علي بن محمد عليهماالسلام و كانت له مسورة [7] عن يساره كان عليها صورة أسد، و جلس اللاعب الي جانب المسورة فمد علي بن محمد عليهماالسلام يده الي رقاقة فطيرها ذلك الرجل و مد يده الي اخري فطيرها فتضاحك الناس.

فضرب علي بن محمد عليهماالسلام يده علي تلك الصورة التي في المسورة، و قال : خذه فوثبت تلك الصورة من المسورة فابتلعت الرجل و عادت في المسورة كما كانت.

فتحير الجميع و نهض علي بن محمد عليهماالسلام فقال له المتوكل : سألتك الا جلست ورددته، فقال : و الله لا تري بعدها أتسلط أعداء الله علي أولياء الله، و خرج من عنده فلم ير الرجل بعد ذلك [8] .

أقول : لم يكن هذا منه بعجيب و لا بعيد ألم يلق موسي عليه السلام عصاه فتصير



[ صفحه 20]



ثعبانا تلقف ما يأفكون من الحبال و العصي؟ بحيث لم تكبر العصا و لم ترد ما التقمتها، فهم ورثة الأنبياء، و عندهم معاجز أكثر مما عند الأنبياء.

3- البحار : روي أن أباهاشم الجعفري قال : ظهرت في أيام المتوكل امرأة تدعي أنها زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال المتوكل : أنت امرأة شابة و قد مضي من وقت رسول الله صلي الله عليه و آله ما مضي من السنين، فقالت : ان رسول الله صلي الله عليه و آله مسح علي و سأل الله أن يرد علي شبابي في كل أربعين سنة، و لم أظهر للناس الي هذه الغاية فلحقتني الحاجة فصرت اليهم.

فدعي المتوكل مشايخ آل أبي طالب و ولد العباس و قريش و عرفهم حالها، فروي جماعة وفاة زينب في سنة كذا، فقال لها : ما تقولين في هذه الرواية؟ فقالت كذب وزور فان أمري كان مستورا عن الناس، فلم يعرف لي حياة و لا موت، فقال لهم المتوكل : هل عندكم حجة علي هذه المرأة غير هذه الرواية؟ فقالوا : لا، فقال : هو بري ء من العباس ان لا أنزلها عما ادعت الا بحجة. قالوا : فأحضر ابن الرضا عليه السلام فلعل عنده شيئا من الحجة غير ما عندنا فبعث اليه فحضر فأخبره بخبر المرأة فقال : كذبت فان زينب توفيت في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا قال : فان هؤلاء قد رووا مثل هذه و قد حلفت أن لا أنزلها الا بحجة تلزمها.

قال : و لا عليك فها هنا حجة تلزمها و تلزم غيرها، قال و ما هي؟ قال : لحوم بني فاطمة محرمة علي السباع فأنزلها الي السباع فان كانت من ولد فاطمة فلا تضرها فقال لها : ما تقولين؟ قالت : انه يريد قتلي قال : فها هنا جماعة من ولد الحسن و الحسين عليهماالسلام فأنزل من شئت منهم، قال : فوالله لقد تغيرت وجوه الجميع، فقال بعض المبغضين : هو يحيل علي غيره لم لا يكون هو؟ فمال المتوكل الي ذلك رجاء أن يذهب من غير أن يكون له في أمره صنع، فقال : يا أباالحسن لم لا تكون أنت ذلك؟ قال : ذاك اليك، قال : فافعل! قال : أفعل فاتي بسلم و فتح عن السباع و كانت ستة من الأسد فنزل أبوالحسن اليها فلما دخل و جلس صارت الاسود اليه فرمت بأنفسها بين يديه، و مدت بأيديها و وضعت رؤوسها بين يديه فجعل يمسح علي رأس كل واحد منها،



[ صفحه 21]



ثم يشير اليه بيده الي الاعتزال فتعتزل ناحية حتي اعتزلت كلها و أقامت بازائه.

فقال له الوزير : ما هذا صوابا فبادر باخراجه من هناك، قبل أن ينتشر خبره فقال له : يا أباالحسن ما أردنا بك سوءا و انما أردنا أن نكون علي يقين مما قلت فاحب أن تصعد فقام و صار الي السلم و هي حوله تتمسح بثيابه.

فلما وضع رجله علي أول درجة التفت اليها و أشار بيده أن ترجع، فرجعت و صعد فقال : كل من زعم أنه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك المجلس، فقال لها المتوكل : انزلي : قالت : الله الله ادعيت الباطل، و أنا بنت فلان حملني الضر علي ما قلت، قال المتوكل : ألقوها الي السباع فاستوهبتها والدته [9] .

4- البحار : روي أبومحمد البصري عن أبي العباس خال شبل كاتب ابراهيم بن محمد قال : كنا أجرينا ذكر أبي الحسن عليه السلام فقال لي : يا أبامحمد لم أكن في شي ء من هذا الأمر (أي أمر الولاية و القول بالامامة) و كنت أعيب علي أخي و علي أهل هذا القول عيبا شديدا بالذم و الشتم الي أن كنت في الوفد الذين أوفد المتوكل الي المدينة في احضار أبي الحسن عليه السلام فخرجنا الي المدينة. فلما خرج و صرنا في بعض الطريق و طوينا المنزل و كان منزلا صائغا شديد الحر فسألناه أن ينزل فقال : لا، فخرجنا و لم نطعم و لم نشرب فلما اشتد الحر و الجوع و العطش فبينما و نحن اذ ذلك في أرض ملساء لا نري شيئا و لا ظل و لا ماء نستريح فجعلنا نشخص بأبصارنا نحوه قال : و ما لكم أحسبكم جياعا و قد عطشتم؟ فقلنا : اي و الله يا سيدنا قد عيينا قال : عرسوا [10] ! و كلوا و اشربوا.

فتعجبت من قوله و نحن في صحراء ملساء لا نري فيها شيئا نستريح اليه، و لا ماءا و لا ظلا، فقال : ما لكم عرسوا، فابتدرت الي القطار لانيخ [11] ثم التفت و اذا أنا



[ صفحه 22]



بشجرتين عظيمتين تستظل تحتهما عالم من الناس و اني لأعرف موضعهما أنه أرض براح [12] فقراء و اذا بعين تسيح علي وجه الأرض أعذب ماء و أبرده.

فنزلنا و أكلنا و شربنا و استرحنا، و ان فينا من سلك ذلك الطريق مرارا فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب، و جعلت أحد النظر اليه و أتأمله طويلا و اذا نظرت اليه تبسم وزوي وجهه عني.

فقلت في نفسي : و الله لأعرفن هذا كيف هو؟ فأتيت من وراء الشجرة فدفنت سيفي و وضعت عليه حجرين و تغوطت في ذلك الموضع و تهيأت للصلاة، فقال أبوالحسن عليه السلام استرحتم؟ قلنا : نعم، قال : فارتحلوا علي اسم الله، فارتحلنا.

فلما أن سرنا ساعة رجعت علي الأثر فأتيت الموضع فوجدت الأثر و السيف كما وضعت و العلامة و كأن الله لم يخلق ثم شجرة و لا ماءا و لا ظلالا و لا بللا فتعجبت من ذلك، و رفعت يدي الي السماء فسألت الله الثبات علي المحبة و الايمان به و المعرفة منه؛ و أخذت الأثر فلحقت القوم.

فالتفت الي أبوالحسن عليه السلام و قال : يا أباالعباس فعلتها؟ قلت : نعم يا سيدي لقد كنت شاكا و أصبحت أنا عند نفسي من أغني الناس في الدنيا و الآخرة، فقال : هو كذلك هم معدودون معلومون لا يزيد رجل و لا ينقص.

(بيان) : «هم معدودون» أي الشيعة و أنت كنت منهم [13] .

5- البحار : داود بن القاسم الجعفري قال : دخلت عليه بسر من رأي و أنا اريد الحج لاودعه فخرج معي، فلما انتهي الي آخر الحاجز نزل، فنزلت معه، فخط بيده الأرض خطة شبيهة بالدائرة، ثم قال لي : يا عم خذ ما في هذه يكون في نفقتك، و تستعين به علي حجك فضربت بيدي فاذا سبيكة ذهب فكان فيها مائتا مثقال [14] .



[ صفحه 23]



6- البحار : الحسين بن علي : أنه أتي النقي عليه السلام رجل خائف و هو يرتعد و يقول : ان ابني اخذ بمحبتكم و الليلة يرمونه من موضع كذا و يدفنونه تحته، قال : فما تريد؟ قال : ما يريد الأبوان، فقال : لا بأس عليه اذهب فان ابنك يأتيك غدا.

فلما أصبح أتاه ابنه فقال : يا بني ما شأنك؟ قال : لما حفروا القبر و شدوا لي الأيدي أتاني عشرة أنفس مطهرة معطرة، و سألوا عن بكائي فذكرت لهم، فقالوا : لو جعل الطالب مطلوبا تجرد نفسك و تخرج و تلزم تربة النبي عليه السلام؟ قلت : نعم، فأخذوا الحاجب فرموه من شاهق الجبل و لم يسمع أحد جزعه و لا رأوا الرجال و أوردوني اليك و هم ينتظرون خروجي اليهم، و ودع أباه و ذهب.

فجاء أبوه الي الامام و أخبره بحاله، فكان الغوغاء تذهب و تقول : وقع كذا و كذا و الامام عليه السلام يتبسم و يقول : انهم لا يعلمون ما نعلم [15] .

7- البحار : عن محمد بن داود القمي و محمد الطلحي قالا : حملنا مالا من خمس و نذر و هدايا و جواهر اجتمعت في قم و بلادها، و خرجنا نريد بها سيدنا أباالحسن الهادي عليه السلام فجاءنا رسوله في الطريق أن ارجعوا فليس هذا وقت الوصول فرجعنا الي قم و أحرزنا ما كان عندنا فجاءنا أمره بعد أيام أن قد أنفذنا اليكم ابلا عيرا فاحملوا عليها ما عندكم، و خلوا سبيلها.

قال : فحملناها و أودعناها الله فلما كان من قابل، قدمنا عليه فقال : انظروا الي ما حملتم الينا فنظرنا فاذا المنايح [16] كما هي [17] .

8- البحار : عن هاشم بن زيد قال : رأيت علي بن محمد صاحب العسكر [18] و قد اتي بأكمه [19] فأبرأه، و رأيته تهيي ء من الطين كهيئة الطير و ينفخ فيه فيطير فقلت له : لا



[ صفحه 24]



فرق بينك و بين عيسي عليه السلام فقال : أنا منه و هو مني.

محمد بن سنان الرامزي قال : كان أبوالحسن علي بن محمد عليهماالسلام حاجا و لما كان في انصرافه الي المدينة، وجد رجلا خراسانيا واقفا علي حمار له ميت يبكي و يقول : علي ماذا أحمل رحلي فاجتاز عليه السلام به فقيل له : هذا الرجل الخراساني ممن يتولاكم أهل البيت فدني من الحمار الميت فقال : لم تكن بقرة بني اسرائيل بأكرم علي الله تعالي مني و قد ضرب ببعضها الميت فعاش ثم و كزه برجله اليمني و قال : قم باذن الله فتحرك الحمار ثم قام و وضع الخراساني رحله و أتي به المدينة، و كلما مر عليه السلام أشاروا عليه باصبعهم، و قالوا : هذا الذي أحيا حمار الخراساني [20] .


پاورقي

[1] كلمة الله للشيرازي : 140.

[2] الجلاب - بالفتح و التشديد - من يشتري الغنم و نحوها في موضع و يسوقها الي موضع آخر ليبيعها - القاموس.

[3] الاصطبل : موقف الدواب - القاموس.

[4] ابوجعفر ابنه الكبير، و اسمه محمد، مات قبل أبيه عليهماالسلام المدفون قرب الدجيل، و يعرف عند العرب (بسبع الدجيل)، و قيل : ان المراد به محمد بن علي بن ابراهيم بن موسي بن جعفر.

[5] البحار 50 : 132 / 14 نقلا عن الكافي، و ذكر في بصائر الدرجات، و المناقب أيضا.

[6] الحق و الحقة : بالضم - الوعاء من خشب، و كأن المشعبذين كانوا يلعبون بالحقة نحوا من اللعب : يجعلون فيها شيئا بعيان الناس ثم يفتحونها و ليس فيها شيي ء، أو كان آلات لعبهم في حقة مخصوصة، فسموا بذلك، و لذلك يعرفون عند الاعاجم ب (حقه باز) أي اللاعب بالحقة. و أما اذا قري ء بالفتح فهو بمعني ضد الباطل كأنه يريد أنه كان يلعب و يكون لأفعاله حقيقة لا تخييلا - هامش البحار.

[7] المسورة كمكنسة، متكأمن جلد يتكئون عليه.

[8] البحار 50 : 146 / 30 نقلا عن مختار الخرائج : 210.

[9] البحار 50 : 149 / 35 نقلا عن مختار الخرائج : 210.

[10] التعريس : النزول في المعهد أي حين كان من ليل أو نهار (اللسان : عرس).

[11] أناخ الابل : أبركها (اللسان : نوخ).

[12] أرض براح : واسعة ظاهرة لا نبات فيها و لا عمران (اللسان : برح).

[13] البحار 50 : 156 / 45 - مختار الخرائج / 212.

[14] البحار 50 : 172 / 53 - المناقب 4 : 407.

[15] البحار 50 : 174 / 54 - المناقب 4 : 416.

[16] المنايح : جمع المنيحة، الهدايا و العطايا - هامش البحار.

[17] البحار 50 : 185 / 62 نقلا عن مشارق الانوار.

[18] المراد به الامام الهادي (ع).

[19] الأكمه : الذي يولد أعمي - اللسان.

[20] البحار50 : 185 / 63 نقلا عن عيون المعجزات.