بازگشت

قضاوه الحوائج و عطاياه


لا شك أن أئمتنا عليهم السلام كانوا في طليعة من يهتم بقضاء حوائج الناس و تقديم العون لهم كما هو ظاهر من كلماتهم في الحث و الترغيب علي قضاء الحوائج و بذل العطاء للمعوزين، و هنا نود أن نسرد صورا ناصعة مما تقدم به الامام الهادي عليه السلام في هذا المضمار.

1- البحار : عن أبي هاشم الجعفري قال : خرجت مع أبي الحسن عليه السلام الي ظاهر سر من رأي يتلقي بعض القادمين فأبطأوا فطرح لأبي الحسن عليه السلام غاشية السرج فجلس عليها، و نزلت عن دابتي و جلست بين يديه و هو يحدثني فشكوت اليه قصر يدي و ضيق حالي فأهوي بيده الي رمل كان عليه جالسا فناولني منه كفا و قال : اتسع بهذا يا أباهاشم و اكتم ما رأيت فخبأته معي و رجعنا فأبصرته فاذا هو يتقد



[ صفحه 29]



كالنيران ذهبا أحمر.

فدعوت صائغا الي منزلي و قلت له : اسبك لي هذه السبيكة فسبكها و قال لي : ما رأيت ذهبا أجود من هذا، و هو كهيئة الرمل فمن أين لك هذا؟ فما رأيت أعجب منه؟ قلت : كان عندي قديما تدخره لنا عجائزنا علي طول الأيام [1] .

2- البحار : عن أبي هاشم الجعفري قال : أصابتني ضيقة شديدة فصرت الي أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام فأذن لي فلما جلست قال : يا أباهاشم أي نعم الله عزوجل عليك تريد أن تؤدي شكرها؟ قال أبوهاشم : فوجمت فلم أدر ما أقول له.

فابتدأ عليه السلام فقال : رزقك الايمان فحرم بدنك علي النار، و رزقك العافية فأعانتك علي الطاعة، و رزقك القنوع فصانك عن التبذل، يا أباهاشم انما ابتدأتك بهذا لأني ظننت أنك تريد أن تشكولي من فعل بك هذا، و قد أمرت لك بمائة دينار فخذها [2] .

3- البحار : قال محمد بن طلحة : خرج عليه السلام يوما من سر من رأي الي قرية لمهم عرض له، فجاء رجل من الأعراب يطلبه فقيل له قد ذهب الي الموضع الفلاني فقصده فلما وصل اليه قال له ما حاجتك؟ فقال : أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاية جدك علي بن أبي طالب عليه السلام و قد ركبني دين فادح أثقلني حمله، و لم أر من أقصده لقضائه سواك.

فقال له أبوالحسن : طب نفسا و قر عينا ثم أنزله فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبوالحسن عليه السلام : اريد منك حاجة الله الله أن تخالفني فيها، فقال الأعرابي : لا اخالفك، فكتب أبوالحسن عليه السلام ورقة بخطه معترفا فيها أن عليه للأعرابي مالا عينه فيها يرجح علي دينه، و قال : خذ هذا الخط فاذا وصلت الي سر من رأي احضر الي و عندي جماعة، فطالبني به و أغلظ القول علي في ترك ايفائك [3] اياه، الله الله في مخالفتي



[ صفحه 30]



فقال : أفعل، و أخذ الخط.

فلما وصل أبوالحسن الي سر من رأي، و حضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة و غيرهم، حضر ذلك الرجل و أخرج الخط و طالبه و قال كما أوصاه، فألان أبوالحسن عليه السلام له القول و رفقه، و جعل يعتذر، و وعده بوفائه و طيبة نفسه، فنقل ذلك الي الخليفة المتوكل فأمر أن يحمل الي أبي الحسن عليه السلام ثلاثون ألف درهم.

فلما حملت اليه تركها الي أن جاء الرجل فقال : خذ هذا المال و اقض منه دينك، و أنفق الباقي علي عيالك و أهلك، و أعذرنا.

فقال له الأعرابي : يا ابن رسول الله و الله ان أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالته، و أخذ المال و انصرف [4] .

قال الأربلي في كشف الغمة بعد سرده للخبر المتقدم : و هذه منقبة من سمعها حكم له بمكارم الاخلاق و قضي له بالمنقبة المحكوم بشرفها بالاتفاق [5] .

كما و نحن نترك التعليق عليه الي ما يستوحي منه القاري ء الكريم من معاني السمو الذاتي.

4- البحار : دخل أبوعمر و عثمان بن سعيد و أحمد بن اسحاق الأشعري و علي بن جعفر الهمداني علي أبي الحسن العسكري، فشكي اليه أحمد بن اسحاق دينا عليه فقال يا أباعمرو - و كان وكيله - ادفع اليه ثلاثين ألف دينار، و الي علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار، و خذ أنت ثلاثين ألف دينار.

فهذه معجزة لا يقدر عليها الا الملوك، و ما سمعنا بمثل هذا العطاء [6] .


پاورقي

[1] البحار 50 : 138 / 22 نقلا عن اعلام الوري : 343.

[2] البحار 50 : 129 / 7 - أمالي الصدوق : 412.

[3] أثبتناه من كشف الغمة، و في البحار : ابقائك.

[4] البحار 50 : 175 / 55 نقلا عن كشف الغمة.

[5] كشف الغمه 2 : 375، 374.

[6] البحار 50 : 173 / 52 - نقلا عن المناقب 4 : 407.