بازگشت

معرفته باللغات


من جملة المميزات التي لابد و أن تتوفر في الأئمة عليهم السلام معرفتهم باللغات



[ صفحه 46]



الحية حتي يتمكنوا من التفاهم و التخاطب مع جميع أفراد البشر علي اختلاف لغاتهم، لأنهم سفراء الله علي خلقه و خلفاؤه علي عباده، كيف و قد أقدرهم علي فهم لغات الحيوانات و الطيور حيث يقول الله عزوجل في كتابه العزيز عن لسان سليمان «علمنا منطق الطير» [1] ، و لقد أثبتت لنا المصادر المعتمدة في روايات عديدة تكلمهم بلغات مختلفة.

و من هنا سجلت لنا كتب السيرة عن الامام الهادي عليه السلام تكلمه بلغات مختلفة كالفارسية و التركية و الهندية و غيرها، و ها نحن نورد نماذج منها.

1- البحار : عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت بالمدينة حتي مر بها بغا [2] أيام الواثق في طلب الأعراب فقال أبوالحسن عليه السلام : اخرجوا بنا حتي ننظر الي تعبية هذا التركي.

فخرجنا فوقفنا فمرت تعبيته فمر بنا تركي فكلمه أبوالحسن عليه السلام بالتركية فنزل عن فرسه فقبل حافر دابته قال : فحلفت التركي و قلت له : ما قال لك الرجل؟ قال : هذا نبي؟ قلت : ليس هذا بنبي قال : دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد الا الساعة [3] .

2- البحار : عن علي بن مهزيار، عن الطيب الهادي عليه السلام قال : دخلت عليه فابتدأني فكلمني بالفارسية [4] .

3- البحار : عن علي بن مهزيار، قال : أرسلت الي أبي الحسن عليه السلام غلامي و كان سقلابيا [5] فرجع الغلام الي متعجبا فقلت : ما لك يا بني؟ قال : كيف



[ صفحه 47]



لا أتعجب؟ ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا! فظننت أنه انما دار بينهم [6] .

4- البحار : عن أبي هاشم الجعفري قال : دخلت علي أبي الحسن عليه السلام فكلمني بالهندية فلم احسن أن أرد عليه، و كان بين يديه ركوة [7] ملأ حصا فتناول حصاة واحدة و وضعها في فيه و مصها مليا ثم رمي بها الي فوضعتها في فمي فوالله ما برحت من عنده حتي تكلمت بثلاثة و سبعين لسانا أولها الهندية [8] .

5- البحار : عن أبي هاشم قال : كنت عند أبي الحسن عليه السلام و هو مجدر فقلت للمتطبب : «آب كرفت» ثم التفت الي و تبسم و قال : تظن أن لا يحسن الفارسية غيرك؟ فقال له المتطبب : جعلت فداك تحسنها؟ فقال : أما الفارسية هذا فنعم، قال لك : احتمل الجدري ماء [9] .

6- البحار : عن داود بن أبي القاسم قال : دخلت علي أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام فقال لي : كلم هذا الغلام بالفارسية فانه زعم أنه يحسنها، فقلت للخادم «زانوي تو چيست» فلم يجب فقال له : يسألك و يقول : ركبتك ما هي؟ [10] .

و في رواية اخري قال : كلمه بالفارسية فقال للغلام «نام تو چيست» فسكت الغلام فقال له أبوالحسن عليه السلام : يسألك ما اسمك [11] .

فهذه جملة مما ورد في تكلمه عليه السلام بلغات مختلفة، و هناك رواية اخري تشير الي أنه عليه السلام كان يتكلم مع الحيوانات و يفهم كلامها.

7- البحار : روي عن أحمد بن هارون قال : كنت جالسا أعلم غلاما من غلمانه



[ صفحه 48]



في فازة [12] داره، اذ دخل علينا أبوالحسن عليه السلام راكبا علي فرس له، فقمنا اليه فسبقنا فنزل قبل أن ندنو منه فأخذ عنان فرسه بيده فعلقه في طنب من أطناب الفازة ثم دخل فجلس معنا فأقبل علي و قال : متي رأيك أن تنصرف الي المدينة؟ فقلت : الليلة قال : فأكتب اذا كتابا معك توصله الي فلان التاجر، قلت : نعم قال : يا غلام هات الدوات و القرطاس، فخرج الغلام ليأتي بهما من دار اخري.

فلما غاب الغلام صهل الفرس و ضرب بذنبه فقال له بالفارسية : ما هذا الغلق [13] ؟ فصهل الثانية فضرب بيده، فقال له بالفارسية : [لي حاجة أريد أن أكتب كتابا الي المدينة فاصبر حتي أفرغ، فصهل الثالثة و ضرب بيده، فقال له بالفارسية : ] [14] اقلع فامض الي ناحية البستان و بل هناك ورث و ارجع فقف هناك مكانك، فرفع الفرس رأسه و أخرج العنان من موضعه ثم مضي الي ناحية البستان حتي لا نراه في ظهر الفازة فبال وراث و عاد الي مكانه، فدخلني من ذلك ما الله به عليم، فوسوس الشيطان في قلبي.

فقال : يا أحمد لا يعظم عليك ما رأيت ان ما أعطي الله محمدا و آل محمد أكثر مما أعطي داود و آل داود، قلت : صدق ابن رسول الله صلي الله عليه و آله فما قال لك؟ و ما قلت له فقد فهمته، فقال : قال لي الفرس : قم فاركب الي البيت حتي تفرغ عني قلت : ما هذا الغلق؟ قال : قد تعبت قلت : لي حاجة أريد أن أكتب كتابا الي المدينة فاذا فرغت ركبتك قال : اني اريد أن أروث و أبول و أكره أن أفعل ذلك بين يديك، فقلت : اذهب الي ناحية البستان فافعل ما أردت ثم عد الي مكانك، ففعل الذي رأيت.

ثم أقبل الغلام بالدوات و القرطاس، و قد غابت الشمس، فوضعها بين يديه فأخذ في الكتابة حتي أظلم الليل فيما بيني و بينه، فلم أر الكتاب، و ظننت أنه أصابه الذي



[ صفحه 49]



أصابني فقلت للغلام : قم فهات شمعة من الدار حتي يبصر مولاك كيف يكتب، فمضي؛ فقال للغلام : ليس [لي] [15] الي ذلك حاجة.

ثم كتب كتابا طويلا الي أن غاب الشفق، ثم قطعه فقال للغلام : أصلح و أخذ الغلام الكتاب و خرج الي الفازة ليصلحه ثم عاد اليه و ناوله ليختمه فختمه من غير أن ينظر الخاتم مقلوبا أو غير مقلوب، فناولني، فقمت لأذهب فعرض في قلبي قبل أن أخرج من من الفازة اصلي قبل أن آتي المدينة قال : يا أحمد صل المغرب و العشاء الآخرة في مسجد الرسول صلي الله عليه و آله و أطلب الرجل في الروضة فانك توافقه ان شاء الله.

قال : فخرجت مبادرا فأتيت المسجد و قد نودي العشاء الآخرة، فصليت المغرب ثم صليت معهم العتمة، و طلبت الرجل حيث أمرني فوجدته فأعطيته الكتاب و أخذه و فضه ليقرأه فلم يستبن قراءته في ذلك الوقت، فدعي بسراج فأخذته و قرأته عليه في السراج في المسجد، فاذا خط مستوليس حرف ملتصقا بحرف و اذا الخاتم مستوليس بمقلوب فقال لي الرجل : عد الي غدا حتي أكتب جواب الكتاب، فغدوت فكتب الجواب فجئت به اليه، فقال : أليس قد وجدت الرجل حيث قلت؟ قلت : نعم قال : أحسنت [16] .


پاورقي

[1] النمل : 16.

[2] بغامن الأسماء التركية، كان اسم رجل من قواد المتوكل - هامش البحار.

[3] البحار 50 : 124 / 1 نقلا عن اعلام الوري : 343، و فيه : الي الساعة.

[4] البحار 50 : 130 / 10 نقلا عن بصائر الدرجات : 333.

[5] الصقلاب : الرجل الأحمر، و الصقالبة جيل حمر الألوان صهب الشعور يتاخمون بلاد الخزر من أعالي الروم، و قيل : الصقالبة بلاد بين بلغار و قسطنطنية، واحدهم صقلبي (معجم البلدان 3 : 416)و ما جاء في المتن بالسين المهملة فهو تصحيف، حيث لم يرد في المعجم بهذا اللفظ.

[6] البحار 50 : 130 / 11 نقلا عن بصائر الدرجات : 333.

[7] الركوة : شبه تور من أدم، و اناء صغير من جلد يشرب فيه الماء (اللسان : ركا).

[8] البحار 50 : 136 / 17 نقلا عن المناقب 4 : 408 و مختار الخرائج.

[9] البحار 50 : 136 / 18.

[10] البحار 50 : 157 / 46.

[11] البحار 50 : 137 / 19.

[12] الفازة : بناء من خرق و غيرها، و قال الجوهري : مظلة تمد بعمود (اللسان : فوز).

[13] الدمعة الساكبة : القلق، و هو الانزعاج كما في اللسان - و الغلق : الضجر، و أيضا : ضيق الصدر و قلة الصبر (اللسان : غلق).

[14] أثبتناه من الدمعة الساكبة 8 : 152.

[15] أثبتناه من الدمعة الساكبة 8 : 152.

[16] البحار 50 : 153 / 40.