بازگشت

استجابة دعواته


و أما دعواته عليه السلام و آثار الاجابة فيها فكثيرة و نذكر هنا موارد منها.

1- البحار : المنصوري، عن عم أبيه قال : قصدت الامام عليه السلام يوما فقلت : يا سيدي ان هذا الرجل قد أطرحني و قطع رزقي و مللني و ما أتهم في ذلك الا علمه بملازمتي لك، و اذا سألته شيئا منه يلزمه القبول منك فينبغي أن تتفضل علي بمسألته، فقال : تكفي ان شاء الله.



[ صفحه 50]



فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولا فجئت و الفتح علي الباب قائم فقال : يا رجل ما تأوي في منزلك بالليل هذا الرجل مما يطلبك، فدخلت و اذا المتوكل جالس علي فراشه فقال : يا أباموسي نشغل عنك و تنسينا نفسك أي شي ء لك عندي؟ فقلت : الصلة الفلانية و الرزق الفلاني و ذكرت أشياء فأمر لي بها و بضعفها.

فقلت للفتح : وافي علي بن محمد الي ها هنا؟ فقال : لا، فقلت : كتب رقعة؟ فقال : لا، فوليت منصرفا فتبعني فقال لي : لست أشك أنك سألته دعاء لك فالتمس لي منه دعاء.

فلما دخلت اليه عليه السلام قال لي : يا أباموسي! هذا وجه الرضا، فقلت : ببركتك يا سيدي : ولكن قالوا لي : انك ما مضيت اليه و لا سألته، فقال : ان الله تعالي علم منا أنا لا نلجأ في المهمات الا اليه و لا نتوكل في الملمات الا عليه و عودنا اذا سألناه الاجابة، و نخاف أن نعدل فيعدل بنا.

قلت : ان الفتح قال لي : كيت و كيت، قال عليه السلام : انه يوالينا بظاهره، و يجانبنا بباطنه الدعاء لمن يدعوبه : اذا أخلصت في طاعة الله، و اعترفت برسول الله صلي الله عليه و آله و بحقنا أهل البيت و سألت الله تبارك و تعالي شيئا لم يحرمك، قلت : يا سيدي فتعلمني دعاء أختص به من الأدعية فقال عليه السلام : هذا الدعاء كثيرا أدعو الله به و قد سألت الله أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي، و هو :

«يا عدتي عند العدد، و يا رجائي و المعتمد، و يا كهفي و السند، و يا واحد يا أحد، يا قل هو الله أحد، و أسألك اللهم بحق من خلقته من خلقك و لم تجعل في خلقك مثلهم أحدا، أن تصلي عليهم و تفعل بي كيت و كيت» [1] .

2- البحار : روي أن أباهاشم الجعفري [2] كان منقطعا الي أبي الحسن بعد أبيه



[ صفحه 51]



أبي جعفر و جده الرضا عليهم السلام فشكي الي أبي الحسن عليه السلام ما يلقي من الشوق اليه اذا انحدر من عنده الي بغداد ثم قال : يا سيدي ادع الله لي فربما لم أستطع ركوب الماء [خوف الأسفار و البطء عنك] [3] فسرت اليك علي الظهر و مالي مركوب سوي برذوني هذا علي ضعفه، فادع الله أن يقويني علي زيارتك، فقال : قواك الله يا أباهاشم و قوي برذونك.

قال الراوي : و كان أبوهاشم يصلي الفجر ببغداد و يسير علي ذلك البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سر من رأي، و يعود من يومه الي بغداد اذا شاء علي ذلك البرذون، فكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت [4] .

3- البحار : روي أبوهاشم الجعفري أنه ظهر برجل من أهل سر من رأي برص فتنغص عليه عيشه، فجلس يوما الي أبي علي الفهري فشكي اليه حاله فقال له : لو تعرضت يوما لأبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فسألته أن يدعو لك لرجوت أن يزول عنك.

فجلس له يوما في الطريق وقت منصرفه من دار المتوكل فلما رآه قام ليدنو منه فيسأله ذلك فقال : تنح عافاك الله و أشار اليه بيده تنح عافاك الله تنح عافاك الله ثلاث مرات فأبعد الرجل و لم يجسر أن يدنو منه و انصرف، فلقي الفهري فعرفه الحال و ما قال، فقال : قد دعا لك قبل أن تسأل فامض فانك ستعافي فانصرف الرجل الي بيته فبات تلك الليلة فلما أصبح لم ير علي بدنه شيئا من ذلك [5] .

4- البحار : روي أنه أتاه رجل من أهل بيته يقال له معروف، و قال : أتيتك فلم



[ صفحه 52]



تأذن لي، فقال : ما علمت بمكانك و اخبرت بعد انصرافك و ذكرتني بمالا ينبغي فحلف ما فعلت. فقال أبوالحسن عليه السلام : فعلمت أنه حلف كاذبا فدعوت الله عليه : اللهم انه حلف كاذبا فانتقم منه، فمات الرجل من الغد [6] .

و من جملة ما ورد في هذا الحقل هذه الرواية التي سنوردها و ان ناسبت فصل ما جري عليه من المتوكل الا أنها لما كانت مشتملة علي الدعاء الذي دعا به و كان سريع الاجابة و قد وصفه بالكنوز التي نتوارثها من آبائنا و هو دعاء المظلوم علي الظالم، لذلك نورد الرواية و الدعاء.

5- البحار : عن زرافة حاجب المتوكل و كان شيعيا أنه قال : كان المتوكل لحظوة الفتح بن خاقان عنده و قربه منه دون الناس جميعا و دون ولده و أهله، و أراد أن يبين موضعه عندهم فأمر جميع مملكته من الأشراف من أهله و غيرهم، و الوزراء و الامراء و القواد و سائر العساكر و وجوه الناس، أن يزينوا بأحسن التزيين و يظهروا في أفخر عددهم و ذخائرهم، و يخرجوا مشاة بين يديه و أن لا يركب أحد الا هو و الفتح بن خاقان خاصة بسر من رأي و مشي الناس بين أيديهما علي مراتبهم رجالة و كان يوما قائظا شديد الحر و أخرجوا في جملة الأشراف أباالحسن علي بن محمد عليهماالسلام و شق عليه ما لقيه من الحر و الزحمة.

قال زرافة : فأقبلت اليه و قلت له : يا سيدي يعز و الله علي ما تلقي من هذه الطغاة، و ما قد تكلفته من المشقة و أخذت بيده فتوكأ علي و قال : يا زرافة ما ناقة صالح عندالله بأكرم مني أو قال بأعظم قدرا مني، و لم أزل اسائله و أستفيد منه و احادثه الي أن نزل المتوكل من الركوب، و أمر الناس بالانصراف.

فقدمت اليهم دوابهم فركبوا الي منازلهم و قدمت بغلة له فركبها و ركبت معه الي داره فنزل و ودعته و انصرفت الي داري و لولدي مؤدب يتشيع من أهل العلم و الفضل، و كانت لي عادة باحضاره عند الطعام، فحضر عند ذلك، و تجارينا الحديث و ما جري من



[ صفحه 53]



ركوب المتوكل و الفتح، و مشي الأشراف و ذوي الأقدار بين أيديهما و ذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام و ما سمعته من قوله «ما ناقة صالح عندالله بأعظم قدرا مني».

و كان المؤدب يأكل معي فرفع يده، و قال : بالله انك سمعت هذا اللفظ منه؟ فقلت له : والله اني سمعته يقوله، فقال لي : اعلم أن المتوكل لا يبقي في مملكته أكثر من ثلاثة أيام و يهلك فانظر في أمرك واحرز ما تريد احرازه و تأهب لأمرك كي لا يفجؤكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث، أو سبب يجري، فقلت له : من أين لك ذلك؟ فقال لي : أما قرأت القرآن في قصة الناقة و قوله تعالي : «تمتعوا في داركم ثلثة أيام ذلك وعد غير مكذوب» [7] و لا يجوز أن تبطل قول الامام.

قال زرافة : فوالله ما جاء اليوم الثالث حتي هجم المنتصر، و معه بغاء و وصيف و الأتراك علي المتوكل، فقتلوه و قطعوه، و الفتح بن خاقان جميعا قطعا حتي لم يعرف أحدهما من الآخر، و أزال الله نعمته و مملكته، فلقيت الامام أباالحسن عليه السلام بعد ذلك و عرفته ما جري مع المؤدب و ما قاله، فقال : صدق انه لما بلغ مني الجهد رجعت الي كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعز من الحصون و السلاح و الجنن، و هو دعاء المظلوم علي الظالم، فدعوت به عليه فأهلكه الله، فقلت : يا سيدي ان رأيت أن تعلمنيه فعلمنيه و هو :

[اللهم انك أنت الملك المتعزز بالكبرياء، المتفرد بالبقاء، الحي القيوم المقتدر القهار، الذي لا اله الا أنت، أنا عبدك و أنت ربي ظلمت نفسي، و اعترفت باساءتي و أستغفر اليك من ذنوبي، فانه لا يغفر الذنوب الا أنت] [8] ، اللهم اني و فلانا عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم مستقرنا و مستودعنا، و تعلم منقلبنا و مثوانا و سرنا و علانيتنا، و تطلع علي نياتنا و تحيط بضمائرنا، علمك بما تبديه كعلمك بما تخفيه،



[ صفحه 54]



و معرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره و لا ينطوي عليك شي ء من امورنا، و لا يستتر دونك حال من أحوالنا، و لا لنا منك معقل يحصننا، و لا حرز يحرزنا، و لا مهرب يفوتك منا، و لا يمتنع الظالم منك بسلطانه، و لا يجاهدك عنه جنوده [9] و لا يغالبك مغالب بمنعة، و لا يعازك [10] متعزز بكثرة أنت مدركه أين ما سلك، و قادر عليه أين لجأ، فمعاذ المظلوم منا بك، و توكل المقهور منا عليك و رجوعه اليك، و يستغيث بك اذا خذله المغيث، و يستصرخك اذا قعد عنه النصير، و يلوذ بك اذا نفته الأفنية، و يطرق بابك اذا غلقت دونه الأبواب المرتجة، و يصل اليك اذا احتجبت عنه الملوك الغافلة. تعلم ما حل به قبل أن يشكوه اليك و تعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له فلك الحمد سميعا بصيرا لطيفا قديرا.

اللهم انه قد كان في سابق علمك و قضائك، و ماضي حكمك و نافذ مشيتك في خلقك أجمعين، سعيدهم و شقيهم، و فاجرهم و برهم، أن جعلت لفلان بن فلان علي قدرة فظلمني بها، و بغي علي لمكانها، و تعزز علي بسلطانه الذي خولته اياه، و تجبر علي بعلو حاله التي جعلتها له و غره املاؤك له، و أطغاه حلمك عنه.

فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، و تعمدني بشر ضعفت عن احتماله، و لم أقدر علي الانتصار لضعفي، و الانتصاف منه لذلي، فوكلته اليك و توكلت في أمره عليك، و تواعدته بعقوبتك، و حذرته سطوتك، و خوفته نقمتك فظن أن حلمك عنه من ضعف، و حسب أن املاءك له من عجز، و لم تنهه واحدة عن اخري، و لا انزجر عن ثانية باولي، ولكنه تمادي في غيه، و تتابع في ظلمه ولج في عدوانه، و استشري في طغيانه، جراءة عليك يا سيدي، و تعرضا لسخطك الذي لا ترده عن القوم الظالمين، و قلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين فها أنا ذا يا سيدي مستضعف في يديه، مستضام تحت سلطانه، مستذل بعقابه، مغلوب مبغي علي مقصود وجل خائف مروع



[ صفحه 55]



مقهور، قد قل صبري و ضاقت حيلتي، و انغلقت علي المذاهب الا اليك، و انسدت علي الجهات الا جهتك والتبست علي اموري في رفع مكروهه عني، و اشتبهت علي الآراء في ازالة ظلمه و خذلني من استنصرته من عبادك، و أسلمني من تعلقت به من خلقك طرا، و استشرت نصيحي فأشار علي بالرغبة اليك، و استرشدت دليلي فلم يدلني الا عليك.

فرجعت اليك يا مولاي صاغرا راغما مستكينا عالما أنه لا فرج لي الا عندك، و لا خلاص لي الا بك، أنتجز وعدك في نصرتي، و اجابة دعائي، فانك قلت و قولك الحق الذي لا يرد و لا يبدل «و من [عاقب بمثل ما عوقب به ثم] بغي عليه لينصرنه الله» [11] و قلت جل جلالك و تقدست أسماؤك «ادعوني أستجب لكم» [12] و أنا فاعل ما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني.

و اني لأعلم يا سيدي أن لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، و أتيقن أن لك وقتا تأخذ فيه من الغاضب للمغضوب، لأنك لا يسبقك معاند و لا يخرج عن قبضتك منابذ، و لا تخاف فوت فائت، ولكن جزعي و هلعي لا يبلغان بي الصبر علي أناتك، و انتظار حلمك، فقدرتك يا مولاي فوق كل قدرة، و سلطانك غالب كل سلطان، و معاد كل أحد اليك و ان أمهلته، و رجوع كل ظالم اليك و ان أنظرته، و قد أضرني يا رب حلمك عن فلان بن فلان، و طول أناتك له و امهالك اياه و كاد القنوط يستولي علي لولا الثقة بك، و اليقين بوعدك.

فان كان في قضائك النافذ، و قدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب، أو يرجع عن ظلمي أو يكف مكروهه عني، و ينتقل عن عظيم ما ركب مني، فصل علي محمد و آل محمد، و أوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة قبل ازالته نعمتك التي أنعمت بها علي، و تكديره معروفك الذي صنعته عندي.

و ان كان في علمك به غير ذلك، من مقام علي ظلمي، فأسألك يا ناصر المظلوم



[ صفحه 56]



المبغي عليه اجابة دعوتي، فصل علي محمد و آل محمد، و خذه من مأمنه أخذ عزيز مقتدر، و أفجئه في غفلته مفاجاة مليك منتصر، و أسلبه نعمته و سلطانه و فل [13] عنه جنوده و أعوانه و مزق ملكه كل ممزق، و فرق أنصاره كل مفرق، و أعره من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر، و انزع عنه سربال [14] عزه الذي لم يجازه بالاحسان، و اقصمه يا قاصم الجبابرة، و أهلكه يا مهلك القرون الخالية، و أبره يا مبير الامم الظالمة [15] ، و اخذله يا خاذل الفئات الباغية، و ابتره عمره و ابتزه [16] ملكه، وعف أثره، و اقطع خبره و أطفي ء ناره و أظلم نهاره، و كور شمسه، و أهشم شدته [17] وجذ سنامه [18] و أرغم أنفه، و لا تدع له جنة الا هتكتها، و لا دعامة الا قصمتها و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا قائمة علو الا وضعتها، و لا ركنا الا وهنته، و لا سببا الا قطعته.

وأره أنصاره و جنده عباديد [19] بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة، و مقنعي الرؤوس بعد الظهور علي الامة، و اشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة و الأفئدة اللهفة، و الامة المتحيرة، و البرية الضائعة، و أدل [20] ببواره الحدود المعطلة، و الأحكام المهملة، و السنن الدائرة، و المعالم المغيرة [21] ، و الآيات المحرفة و المدارس المهجورة، و المحاريب المجفوة، و المساجد المهدومة.

و أشبع به الخماص الساغبة و أروبه اللهوات اللاغبة [22] ، و الأكباد الظامئة،



[ صفحه 57]



و أرح به الأقدام المتعبة، و أطرقه بليلة لا اخت لها، و ساعة لا شفاء منها، و بنكبة لا انتعاش معها، و بعثرة لا اقالة منها، و أبح حريمه، و نغص نعمته [23] ، وأره بطشتك الكبري، و نقمتك المثلي، و قدرتك التي هي فوق كل قدرة، و سلطانك الذي هو أعز من سلطانه، و اغلبه لي بقوتك القوية، و محالك الشديد و امنعني بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل، و ابتله بفقر لا تجبره، و بسوء لا تستره، و كله الي نفسه فيما يريد، انك فعال لما تريد.

و أبرئه من حولك و قوتك، و أحوجه الي حوله و قوته، و أذل مكره بمكرك و ادفع مشيته بمشيتك، و اسقم جسده، و أيتم ولده، و أنقص أجله، و خيب [24] أمله، و أدل دولته، و أطل عولته، و اجعل شغله في بدنه، و لا تفكه من حزنه، وصير كيده في ضلال، و أمره الي زوال، و نعمته الي انتقال، و جده في سفال [25] ، و سلطانه في اضمحلال، و عاقبة أمره الي شر حال، و أمته بغيظه اذا أمته، و أبقه لحزنه ان أبقيته، وقني شره و همزه و لمزه و سطوته و عداوته، و المحه [26] لمحة تدمر بها عليه، فانك أشد بأسا و أشد تنكيلا [27] .

الدعاء بتمامه ذكرناه هنا لأهميته و سرعة الاجابة منه حيث لم يمض علي المتوكل ثلاثة أيام و قتل و عجل الله بروحه الي النار و بئس المصير.

و يظهر من هذه الرواية أن ذلك اليوم الذي دعا المتوكل أن يسير الامام عليه السلام ماشيا في موكبه يوم الفطر، و في رواية اخري يوم السلام. و لعل ذلك كان يوم عيد الفطر



[ صفحه 58]



حيث كان المرسوم أن يتقدم الوزراء و القادة و كبار الشخصيات لأجل السلام علي الخليفة، و أراد المتوكل أن يظهر ابهته للامام، و الدليل علي ذلك ما ذكره المسعودي في قوله : (ثم قتل المتوكل... ليلة الأربعاء لثلاث ساعات خلت من الليل، و ذلك لثلاث خلون من شوال سنة سبع و أربعين و مائتين) [28] ، فسرعان ما خذله الله و كان ذلك نهاية المطاف من مظالمه.

6- البحار : عن اليسع بن حمزة القمي قال : عمرو بن مسعدة وزير المعتصم الخليفة أنه جاء علي بالمكروه الفظيع حتي تخوفته علي اراقة دمي و فقر عقبي فكتبت الي سيدي أبي الحسن العسكري عليه السلام أشكو اليه ما حل بي فكتب الي لا روع عليك و لا بأس فادع الله بهذه الكلمات يخلصك الله وشيكا مما وقعت فيه و يجعل لك فرجا فان آل محمد صلي الله عليه و آله يدعون بها عند اشراف البلاء و ظهور الأعداء و عند تخوف الفقر و ضيق الصدر قال اليسع بن حمزة : فدعوت الله بالكلمات التي كتب الي سيدي بها في صدر النهار فوالله ما مضي شطره حتي جاءني رسول عمرو بن مسعدة فقال لي : أجب الوزير فنهضت و دخلت عليه.

فلما بصر بي تبسم الي و أمر بالحديد ففك عني و الأغلال فحلت مني و أمرني بخلعة من فاخر ثيابه و أتحفني بطيب ثم أدناني و قربني و جعل يحدثني و يعتذر الي ورد علي جميع ما كان استخرجه مني و أحسن رفدي وردني الي الناحية التي كنت أتقلدها و أضاف اليها الكورة التي تليها [29] .

قال : و كان الدعاء :

يا من تحل بأسمائه عقد المكاره، و يا من يفل بذكره حد الشدائد، و يا من يدعي بأسمائه العظام من ضيق المخرج الي محل الفرج، ذلت لقدرتك الصعاب، و تسببت بلطفك الأسباب، و جري بطاعتك القضاء، و مضت علي ذلك الأشياء، فهي



[ صفحه 59]



بمشيتك دون قولك مؤتمرة، و بارادتك دون وحيك منزجرة، و أنت المرجو للمهمات، و أنت المفزع للملمات [30] لا يندفع منها الا ما دفعت، و لا ينكشف منها الا ما كشفت و قد نزل بي من الأمر ما قد فدحني ثقله، و حل بي منه ما بهظني حمله، و بقدرتك أوردت علي ذلك، و بسلطانك وجهته الي فلا مصدر لما أوردت و لا ميسر لما عسرت، و لا صارف لما وجهت، و لا فاتح لما أغلقت، و لا مغلق لما فتحت و لا ناصر لمن خذلت، الا أنت. صلي علي محمد و آل محمد، و افتح لي باب الفرج بطولك، و اصرف عني سلطان الهم بحولك، و أنلني حسن النظر فيما شكوت، و ارزقني حلاوة الصنع فيما سألتك، وهب لي من لدنك فرجا وحيا، و اجعل لي من عندك مخرجا هنيئا، و لا تشغلني بالاهتمام عن تعاهد فرائضك، و استعمال سنتك فقد ضقت بما نزل بي ذرعا، و امتلأت بحمل ما حدث علي جزعا، و أنت القادر علي كشف ما بليت به، و دفع ما وقعت فيه، فافعل بي ذلك و ان كنت غير مستوجبه منك يا ذا العرش العظيم، و ذا المن الكريم، فأنت قادر يا أرحم الراحمين، آمين رب العالمين [31] .


پاورقي

[1] البحار50 : 27 / 5 1.

[2] هو داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب (أبوهاشم الجعفري) كان عظيم المنزلة عند الأئمة عليهم السلام شريف القدر ثقة، من أصحاب الرضا و الجواد و الهادي و العسكري و صاحب الأمر عليهم السلام و له أخبار و مسائل، و له شعر جيد فيهم، سكن بغداد و كان مقدما عند السلطان، و له كتاب روي عنه أحمد بن أبي عبدالله - هامش البحار.

[3] أثبتناه من الدمعة الساكبة 8 : 144.

[4] البحار 50 : 137 / 21.

[5] البحار 50 : 145 / 29.

[6] البحار 50 : 147 / 31.

[7] هود : 65.

[8] أثبتناه من هامش البحار، و لم نعثر عليه في المصدر.

[9] نسخة بدل : جوده.

[10] عزه عزا : قهره و غلبه، و عازني : غالبني (اللسان : عزز) و المراد هنا : لا يغالبك.

[11] الحج : 60.

[12] غافر : 60.

[13] الفل : القوم المنهزمون و أصله من الكسر، و فللت الجيش : هزمته (اللسان : فلل).

[14] نسخة بدل : لباس.

[15] نسخة بدل : الطاغية.

[16] ابتزه : سلبه (اللسان : بزز).

[17] في المصدر ص 70 عند ذكره لقنوت الامام الكاظم (ع) : فيه : (و اهشم سوقه).

[18] جذ الشي ء الصلب : كسره أو قطعه مستأصلا، و في المصدر «وجب سنامه» و الجب أيضا القطع، يقال بعير أجب : أي : مقطوع السنام - هامش البحار.

[19] صاروا عباديد : أي : متفرقين (اللسان : عبد).

[20] أدل عليه : انبسط كما في اللسان : دلل، و أدل هنا بمعني أبسط.

[21] نسخة بدل : و التلاوات المغيرة.

[22] اللهاة : أقصي الفم، و هي اللحمة المشرفة علي الحلق، و الجمع لهوات. و اللغوب : التعب و الاعياء (اللسان : لها و لغب).

[23] نسخة بدل : نعيمه.

[24] البحار : خبب، و الخب الفساد : من قولهم : خبب فلان علي فلان صديقه : معناه أفسده عليه (اللسان : خبب).

[25] السفال : نقيض العلو (اللسان : سفل).

[26] اللمحة : النظرة بالعجلة، و قال الفراء في قوله تعالي «كلمح بالبصر» قال : كخطفة بالبصر (اللسان : لمح).

[27] البحار : 95 / 238 - مهج الدعوات : 267 طبع منشورات مكتبة سنائي.

[28] مروج الذهب 4 : 136.

[29] البحار 50 : 224 / 12.

[30] نسخة بدل : في الملمات.

[31] البحار 95 : 229 - مهج الدعوات : 339.