بازگشت

ما ظهر من علومه و متقن كلماته و حكمه


أما ما ظهر منه عليه السلام من العلوم و الحكم فهو فوق حد الاستقصاء الا أننا في هذا المختصر و علي نحو العجالة نسرد يسيرا مما اقتطفناه من امهات الكتب و ذلك لمن يروم الاطلاع عليها و الانتفاع بها و الا تعاظ منها، و هو علي نحوين :

الأول : في كلماته الناصعة و حكمه المتقنة.

1- البحار : من دلائل الحميري [1] عن فتح بن يزيد الجرجاني قال : ضمني و أبا



[ صفحه 60]



الحسن طريق منصرفي من مكة الي خراسان و هو سائر الي العراق فسمعته و هو يقول : من اتقي الله يتقي، و من أطاع الله يطاع، قال : فتلطفت الي الوصول اليه، فسلمت عليه فرد علي السلام و أمرني بالجلوس و أول ما ابتدأني به أن قال : يا فتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، و من أسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق، و ان الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه، و أني يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه، و الأوهام أن تناله، و الخطرات أن تحده، و الأبصار عن الاحاطة به، جل عما يصفه الواصفون، و تعالي عما ينعته الناعتون نأي في قربه، و قرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، و في قربه بعيد، كيف الكيف فلا يقال كيف، و أين الأين فلا يقال أين، اذ هو منقطع الكيفية و الأينية، هو الواحد الأحد الصمد، لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، فجل جلاله، أم كيف يوصف بكنهه.

و أما ما ورد عنه عليه السلام في الرسالة :

محمد، و قد قرنه الجليل باسمه، و شركه في عطائه، و أوجب لمن أطاعه جزاء طاعته اذ يقول : «و ما نقموا الا أن أغنهم الله و رسوله من فضله» [2] و قال يحكي قول من ترك طاعته و هو يعذبه بين أطباق نيرانها و سرابيل قطرانها : «يا ليتنا أطعنا الله و أطعنا الرسولا» [3] أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال : «أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و اولي الأمر منكم» [4] و قال : «ولو ردوه الي (الله و الي) الرسول و الي أولي الأمر منهم» [5] و قال : «ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الي أهلها» [6] و قال : «فسئلوا أهل الذكر ان كنتم لا



[ صفحه 61]



تعلمون» [7] .

يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله و الرسول و الخليل و ولد البتول فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لأمرنا، فنبينا أفضل الأنبياء، و خليلنا أفضل الأخلاء و وصيه أكرم الأوصياء، اسمهما أفضل الأسماء، و كنيتها (اي النبي و الوصي) أفضل الكني و أحلاها، لو لم يجالسنا الا كفؤ لم يجالسنا أحد ولو لم يزوجنا الا كفؤ لم يزوجنا أحد، أشد الناس تواضعا، و أعظمهم حلما، و أنداهم كفا، و أمنعهم كنفا، ورث عنهما أوصياؤهما علمهما، فاردد اليهما الأمر و سلم اليهم، أماتك الله مماتهم، و أحياك حياتهم، اذا شئت رحمك الله.

قال فتح : فخرجت فلما كان الغد تلطفت في الوصول اليه فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت : يا ابن رسول الله أتأذن لي في مسألة اختلج في صدري أمرها ليلتي، قال : سل و ان شرحتها فلي، و ان أمسكتها فلي، فصحح نظرك و تثبت في مسألتك و أصغ الي جوابها سمعك، و لا تسأل مسألة تعنت و اعتن بما تعتني به، فان العالم و المتعلم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة، منهيان عن الغش، و أما الذي اختلج في صدرك ليلتك فان شاء العالم أنباك باذن الله، ان الله لم يظهر علي غيبه أحدا الا من ارتضي من رسول، فكل ما كان عند الرسول كان عند العالم، و كل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصياؤه عليه، كيلا تخلو أرضه من حجة يكون معه علم يدل علي صدق مقالته، و جواز عدالته.

يا فتح عسي الشيطان أراد اللبس عليك فأوهمك في بعض ما أودعتك و شككك في بعض ما أنبأتك حتي أراد ازالتك عن طريق الله و صراطه المستقيم، فقلت : من أيقنت أنهم كذا فهم أرباب؟ معاذ الله انهم مخلوقون مربوبون مطيعون لله، داخرون راغبون فاذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به، فقلت : جعلت فداك



[ صفحه 62]



فرجت عني و كشفت ما لبس الملعون علي بشرحك فقد كان أوقع بخلدي [8] أنكم أرباب قال : فسجد أبوالحسن عليه السلام و هو يقول في سجوده : «راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا)، قال : فلم يزل كذلك حتي ذهب ليلي، ثم قال : يا فتح كدت أن تهلك، و ما ضر عيسي اذا هلك من هلك فاذهب اذا شئت رحمك الله.

قال : فخرجت و أنا فرح بما كشف الله عني من اللبس بأنهم هم، و حمدت الله علي ما قدرت عليه، فلما كان في المنزل الآخر دخلت عليه و هو متك، و بين يديه حنطة مقلوة [9] يعبث بها و قد كان أوقع الشيطان في خلدي أنه لا ينبغي أن يأكلوا و يشربوا اذ كان ذلك آفة و الامام غير مأوف؟ فقال : اجلس يا فتح فان لنا بالرسول اسوة كانوا يأكلون و يشربون و يمشون في الأسواق و كل جسم مغذو بهذا الا الخالق الرازق لأنه جسم الأجسام و هو لم يجسم، و لم يجزأ بتناه، و لم يتزايد، و لم يتناقص، مبرأ من ذاته ما ركب في ذات من جسمه، الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، منشي ء الأشياء، مجسم الأجسام، و هو السميع العليم، اللطيف الخبير، الرؤوف الرحيم، تبارك و تعالي عما يقول الظالمون علوا كبيرا، لو كان كما يوصف لم يعرف الرب من المربوب، و لا الخالق من المخلوق، و لا المنشي ء من المنشأ ولكنه فرق بينه و بين من جسمه و شيأ الأشياء اذ كان لا يشبهه شي ء يري، و لا يشبه شيئا [10] .

2- البحار و غيره : جملة من كلماته القصار :

1- ابقوا النعم [11] بحسن مجاورتها و التمسوا الزيادة فيها [12] بالشكر عليها، و اعلموا أن النفس أقبل شي ء لما أعطيت و أمنع شي ء لما منعت [13] ، [فاحملوها علي مطية لا تبطأ



[ صفحه 63]



اذا ركبت، و لا تسبق اذا تقدمت، أدرك من سبق الي الجنة و نجا من هرب الي النار] [14] .

2- الأخلاق تتصفحها المجالسة.

3- اذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام أن يظن بأحد سوءا حتي يعلم ذلك منه، و اذا كان زمان الجور أغلب فيه من العدل فليس لأحد أن يظن بأحد خيرا ما لم يعلم ذلك منه.

4- اذكر حسرات التفريط بأخذ تقديم [15] الحزم.

5- اذكر مصرعك بين يدي أهلك و لا طبيب يمنعك و لا حبيب ينفعك.

6- (و قال لشخص و قد أكثر من افراط الثناء عليه) أقبل علي شأنك [16] فان كثرة الملق يهجم علي الظنة، و اذا حللت من أخيك في محل الثقة فاعدل عن الملق الي حسن النية.

7- ان الظالم الحالم يكاد أن يعفي علي ظلمه بحلمه، و ان المحق السفيه يكاد أن يطفي ء نور حقه بسفهه.

8- ان الله جعل الدنيا دار بلوي و الآخرة دار عقبي و جعل بلوي الدنيا لثواب الآخرة سببا و ثواب الآخرة من بلوي الدنيا عوضا.

9- اياك و الحسد فانه يبين فيك و لا يعمل في عدوك.

10- (و قال عليه السلام مما رواه الغلامي) : الثناء الغلبة علي الأدب، و رعاية الحسب.

11- الحسد ما حي [17] الحسنات، [و الزهو] [18] جالب المقت، و العجب صارف عن



[ صفحه 64]



طلب العلم داع الي الغمط [19] و الجهل [20] ، و البخل أذم الأخلاق، و الطمع سجية سيئة، و الهزء فكاهة السفهاء و صناعة الجهال، و العقوق يعقب القلة و يؤدي الي الذلة.

12- الحكمة لا تنجع [21] في الطباع الفاسدة.

13- خير من الخير فاعله، و أجمل من الجميل قائله، و أرجح من العلم حامله، و شر من الشر جالبه، و أهول من الهول راكبه.

14- الدنيا سوق ربح فيها قوم و خسر آخرون.

15- راكب الحرون [22] أسير نفسه، و الجاهل أسير لسانه.

16- السهر ألذ للمنام، و الجوع يزيد في طيب الطعام - يريد به الحث علي قيام الليل و صيام النهار.

17- الشاكر أسعد بالشكر منه بالنعمة التي أوجبت الشكر، لأن النعم متاع و الشكر نعم و عقبي.

18- شر من المرء رزية سوء الخلف.

19- العتاب مفتاح التقالي [23] . و العتاب خير من الحقد.

20- (و قال لرجل ذم اليه ولدا له) : العقوق ثكل من لم يثكل.

21- الغضب علي من تملك لؤم.

22- الغني قلة تمنيك و الرضا بما يكفيك، و الفقر شره [24] النفس و شدة القنوط [25] [و الدقة اتباع اليسير و النظر في الحقير] [26] .



[ صفحه 65]



23- (و قال عليه السلام للمتوكل في جواب كلام دار بينهما) : لا تطلب الصفاء ممن كدرت عليه، و لا الوفاء لمن غدرت به، و لا النصح ممن صرفت سوء ظنك اليه، فانما قلب غيرك كقلبك له.

24- ما استراح ذو الحرص.

25- و قال له و قد سأله [المتوكل] [27] عن العباس [28] ، ما تقول بنو أبيك فيه؟ فقال : ما يقولون في رجل فرض الله طاعته علي الخلق و فرض طاعة العباس عليه.

26- مخالطة الأشرار تدل علي أشرار من يخالطهم، و الكفر للنعم امارة البطر و سبب للغير، و اللجاجة مسلبة للسلامة و مؤدية الي الندامة... و التسوف مغضبة للاخوان مورث الشنآن [29] ...

27- المراء يفسد الصداقة القديمة، و يحل العقدة الوثيقة، و أقل ما فيه أن يكون فيه المغالبة، و المغالبة اس أساس القطيعة [30] .

28- المصيبة للصابر واحدة، و للجازع اثنتان.

29- المقادير تريك ما لم يخطر ببالك.

30- من اتقي الله يتق، و من أطاع الله يطع، و من أطاع الخالق لم يبال سخط المخلوقين.

31- من أقبل مع أمر ولي مع انقضائه.

32- من آمن مكر الله و أليم أخذه تكبر حتي يحل به قضاؤه و نافذ أمره، و من كان علي بينة من ربه هانت عليه مصائب الدنيا و لو قرض و نشر.

33- من جمع لك وده و رأيه فاجمع له طاعتك.



[ صفحه 66]



34- من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه.

35- من لم يحسن أن يمنع، لم يحسن أن يعطي.

36- من هانت عليه نفسه فلا تأمن شره.

37- الناس في الدنيا بالأموال و في الآخرة بالأعمال.

38- الهزل فكاهة [31] السفهاء و صناعة الجهال.

39- قال الغلامي : و سألته عن الحلم، فقال عليه السلام : هو أن تملك نفسك و تكظم غيظك، و لا يكون ذلك الا مع القدرة. قال : و سألته عن الحزم، فقال عليه السلام : هو أن تنتظر فرصتك و تعاجل ما أمكنك [32] .

الثاني : فيما ظهر من علومه و ما كشفه من الغوامض مثل مسألة الجبر و التفويض :

1- البحار : قال أبوعبدالله الزيادي : لما سم المتوكل، نذر لله ان رزقه الله العافية أن يتصدق بمال كثير، فلما عوفي اختلف الفقهاء في المال الكثير فقال له الحسن حاجبه : ان أتيتك يا أميرالمؤمنين بالصواب فما لي عندك؟ قال عشرة آلاف درهم و الا ضربتك مائة مقرعة قال : قد رضيت فأتي أباالحسن عليه السلام فسأله عن ذلك فقال : قل له : يتصدق بثمانين درهما فأخبر المتوكل فسأله ما العلة؟ فأتاه فسأله قال : ان الله تعالي قال لنبيه صلي الله عليه و آله : «لقد نصركم الله في مواطن كثيرة» [33] فعددنا مواطن رسول الله صلي الله عليه و آله فبلغت ثمانين موطنا، فرجع اليه فأخبر ففرح و أعطاه عشرة آلاف درهم [34] .

2- البحار : قال المتوكل لابن السكيت [35] سل ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي



[ صفحه 67]



فسأله فقال : لم بعث الله موسي (عليه السلام) بالعصا؟ و بعث عيسي عليه السلام بابراء الأكمه و الأبرص و احياء الموتي؟ و بعث محمدا (صلي الله عليه و آله) بالقرآن و السيف؟.

فقال أبوالحسن عليه السلام : بعث الله موسي عليه السلام بالعصا و اليد البيضاء في زمان الغالب علي أهله السحر، فأتاهم من ذلك ما قهر سحرهم و بهرهم، و أثبت الحجة عليهم، و بعث عيسي عليه السلام بابراء الأكمه و الأبرص و احياء الموتي باذن الله في زمان الغالب علي أهله الطب فأتاهم من ابراء الأكمه و الأبرص و احياء الموتي باذن الله فقهرهم و بهرهم، و بعث محمدا صلي الله عليه و آله بالقرآن و السيف في زمان الغالب علي أهله السيف و الشعر فأتاهم من القرآن الزاهر و السيف القاهر ما بهر به شعرهم و بهر [36] سيفهم و أثبت الحجة به [37] عليهم.

فقال ابن السكيت : فما الحجة الآن؟ قال : العقل يعرف به الكاذب علي الله فيكذب.

فقال يحيي بن أكثم : ما لابن السكيت و مناظرته؟ و انما هو صاحب نحو و شعر و لغة، و رفع قرطاسا فيه مسائل، فأملأ علي بن محمد عليهماالسلام علي ابن السكيت جوابها و أمره أن يكتب.

سألت عن قول الله تعالي «قال الذي عنده علم من الكتاب» [38] فهو آصف بن برخيا. و لم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف [39] آصف، ولكنه أحب أن يعرف امته



[ صفحه 68]



من الجن و الانس أنه الحجة من بعده، و ذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهمه ذلك، لئلا يختلف في امامته و ولايته من بعده، و لتأكيد الحجة علي الخلق.

و أما سجود يعقوب لولده فان السجود لم يكن ليوسف و انما كان ذلك من يعقوب و ولده طاعة لله تعالي و تحية ليوسف عليهماالسلام كما أن السجود من الملائكة لم يكن لآدم عليه السلام فسجود يعقوب و ولده و يوسف معهم شكرا لله تعالي باجتماع الشمل، ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت : «رب قد أتيتني من الملك» [40] الآية.

و أما قوله : «فان كنت في شك مما أنزلنا اليك فسئل الذين يقرءون الكتاب» [41] فان المخاطب بذلك رسول الله صلي الله عليه و آله و لم يكن في شك مما أنزل الله اليه، ولكن قالت الجهلة : كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة و لم لم يفرق بينه و بين الناس في الاستغناء عن المأكل و المشرب، و المشي في الأسواق، فأوحي الله الي نبيه صلي الله عليه و آله فاسأل الذين يقرؤن الكتاب بمحضر من الجهلة هل بعث الله نبيا قبلك الا و هو يأكل الطعام، و يشرب الشراب، و لك بهم اسوة يا محمد.

و انما قال : «فان كنت في شك» و لم يكن [42] للنصفة كما قال : «قل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم» [43] و لو قال : «تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم» لم يكونوا يجيبون الي المباهلة، و قد علم الله أن نبيه مؤد عنه رسالته و ما هو من الكاذبين و كذلك عرف النبي صلي الله عليه و آله بأنه صادق فيما يقول ولكن أحب أن ينصف من نفسه.

و أما قوله : «و لو أن ما في الأرض من شجرة أقلام» [44] الآية فهو كذلك لو



[ صفحه 69]



أن أشجار الدنيا أقلام و البحر مداد يمده سبعة أبحر حتي انفجرت الأرض عيونا كما انفجرت في الطوفان، ما نفدت كلمات الله و هي عين الكبريت، و عين اليمن، و عين برهوت و عين طبرية، و حمة ما سبذان [45] ، تدعي لسان، و حمة افريقية تدعي بسيلان، و عين باحوران، و نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا و لا تستقصي.

و أما الجنة ففيها من المآكل و المشارب و الملاهي، و ما تشتهيه الأنفس و تلذ الأعين و أباح الله ذلك لآدم، و الشجرة التي نهي الله آدم عنها و زوجته أن لا يأكلا منها شجرة الحسد، عهد الله اليهما أن لا ينظرا الي من فضل الله عليهما، و علي خلائقه بعين الحسد «فنسي و لم نجد له عزما» [46] .

و أما قوله : «أو يزوجهم ذكرانا و اناثا» [47] فان الله تعالي زوج الذكران المطيعين و معاذ الله أن يكون الجليل العظيم عني ما لبست علي نفسك بطلب الرخص لارتكاب المحارم «و من يفعل ذلك يلق أثاما - يضعف له العذاب يوم القيمة و يخلد فيه مهانا» [48] ان لم يتب.

فأما شهادة امرأة وحدها التي جازت فهي القابلة التي جازت شهادتها مع الرضا فان لم يكن رضا فلا أقل من امرأتين تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة لأن الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامها، فان كان وحدها قبل قولها مع يمينها.

و أما قول علي عليه السلام في الخنثي فهو كما قال : يرث من المبال، و ينظر اليه قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة و تقوم الخنثي خلفهم عريانة، و ينظرون الي المرآة فيرون الشي ء و يحكمون عليه.

و أما الرجل الناظر الي الراعي و قد نزا علي الشاة، فان عرفها ذبحها و أحرقها و ان



[ صفحه 70]



لم يعرفها قسمها الامام نصفين وساهم بينهما، فان وقع السهم علي أحد القسمين فقد انقسم النصف الآخر ثم يفرق الذي وقع عليه السهم نصفين فيقرع بينهما فلا يزال كذلك حتي يبقي اثنان فيقرع بينهما فأيهما وقع السهم عليها ذبحت و أحرقت و قد نجي سائرها و سهم الامام سهم الله لا يخيب.

و أما صلاة الفجر و الجهر فيها بالقراءة لأن النبي صلي الله عليه و آله كان يغلس [49] بها فقراءتها من الليل.

و أما قول أميرالمؤمنين عليه السلام بشر قاتل ابن صفية [50] بالنار لقول رسول الله صلي الله عليه و آله، و كان ممن خرج يوم النهروان، فلم يقتله أميرالمؤمنين عليه السلام بالبصرة لأنه علم أنه يقتل في فتنة النهروان.

و أما قولك ان عليا عليه السلام قاتل أهل صفين مقبلين و مدبرين، و أجهز علي جريحهم و أنه يوم الجمل لم يتبع موليا و لم يجهز علي جريحهم، و كل من ألقي سيفه و سلاحه آمنه، فان أهل الجمل قتل امامهم و لم يكن لهم فئة يرجعون اليها، و انما رجع القوم الي منازلهم غير محاربين، و لا محتالين، و لا متجسسين و لا مبارزين، فقد رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيه رفع السيف و الكف عنهم اذ لم يطلبوا عليه أعوانا.



[ صفحه 71]



و أهل صفين يرجعون الي فئة مستعدة و امام منتصب، يجمع لهم السلاح من الرماح، و الدروع، و السيوف، و يستعد لهم، و يسني لهم العطاء و يهيي ء لهم الأموال، و يعقب مريضهم، و يجبر كسيرهم، و يداوي جريحهم، و يحمل راجلهم و يكسو حاسرهم، و يردهم فيرجعون الي محاربتهم و قتالهم.

فان الحكم في أهل البصرة الكف عنهم لما ألقوا أسلحتهم، اذ لم تكن لهم فئة يرجعون اليها، و الحكم في أهل صفين أن يتبع مدبرهم، و يجهز علي جريحهم فلا يساوي بين الفريقين في الحكم، و لو لا أميرالمؤمنين عليه السلام و حكمه في أهل صفين و الجمل، لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد فمن أبي ذلك عرض علي السيف.

و أما الرجل الذي أقر باللواط بذلك متبرعا من نفسه، و لم تقم عليه بينة و لا أخذه سلطان و اذا كان للامام الذي من الله أن يعاقب في الله فله أن يعفو في الله، أما سمعت الله يقول لسليمان «هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب» [51] فبدأ بالمن قبل المنع.

فلما قرأه ابن أكثم قال للمتوكل : ما نحب أن تسأل هذا الرجل عن شي ء بعد مسائلي، فانه لا يرد عليه شي ء بعدها الا دونها، و في ظهور علمه تقوية للرافضة [52] .

3- البحار : روي عن جعفر بن رزق الله قال : قدم الي المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم فقال يحيي ابن أكثم : الايمان يمحو ما قبله، و قال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود، فكتب المتوكل الي علي بن محمد النقي يسأله فلما قرأ الكتاب : كتب : يضرب حتي يموت.

فأنكر الفقهاء ذلك، فكتب اليه يسأله عن العلة فقال : «بسم الله الرحمن الرحيم



[ صفحه 72]



فلما رأوا بأسنا قالوا ءامنا بالله وحده و كفرنا بما كنا به مشركين» [53] السورة، قال : فأمر المتوكل فضرب حتي مات [54] .

4- البحار : أورد سبط ابن الجوزي في التذكرة قال يحيي بن هبيرة [هرثمة] : تذاكر الفقهاء بحضرة المتوكل من حلق رأس آدم عليه السلام؟ فلم يعرفوا من حلقه، فقال المتوكل : أرسلوا الي علي بن محمد بن علي الرضا، فأحضروه فحضر فسألوه، فقال : حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه عن جده، عن أبيه قال : ان الله أمر جبرئيل أن ينزل بياقوتة من يواقيت الجنة فنزل بها فمسح بها رأس آدم، فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرما [55] .

5- البحار : كتب اليه محمد بن الحسين بن مصعب المدائني يسأله عن السجود علي الزجاج، قال : فلما نفذ الكتاب حدثت نفسي أنه مما أنبتت الأرض، و أنهم قالوا لا بأس بالسجود علي ما أنبتت الأرض قال : فجاء الجواب : لا تسجد عليه و ان حدثت نفسك أنه مما تنبت الأرض، فانه من الرمل و الملح، و الملح سبخ [56] .

6- البحار : أبوالحسن بن سهلويه البصري المعروف بالملاح قال : دلني أبوالحسن و كنت واقفيا فقال : الي كم هذه النومة؟ أما آن لك أن تنتبه منها، فقدح في قلبي شيئا و غشي علي و تبعت الحق [57] .


پاورقي

[1] كتاب الدلائل لأبي العباس عبدالله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع الحميري القمي شيخ القميين، و كان أكثر التوقيعات الخارجة من الناحية المقدسة بخطه، و له كتاب قرب الاسناد، و ينقل عن السيد ابن طاوس أنه أوصي ولده بمطالعة الدلائل، و قال صهر العلامة المجلسي في كتاب البياض الكمالي 3 : 170 : عليك بمطالعة كتاب الدلائل للحميري؛ فيظهر منه وجود نسخته عنده - الذريعة 8 : 237 - كما أن المسعودي أورد عنه في اثبات الوصية.

[2] التوبة : 74.

[3] الأحزاب : 66.

[4] النساء : 59.

[5] النساء : 83 - هكذا ورد في المصدر، و ما بين الهلالين ليس في القرآن.

[6] النساء : 58.

[7] الأنبياء : 7.

[8] الخلد - بالتحريك - البال و القلب و النفس، يقال : وقع ذلك في خلدي أي روعي و قلبي (اللسان : خلد).

[9] قليت اللحم علي المقلي : اذا شويته حتي تنضجه، و كذلك الحب يقلي علي المقلي (اللسان : قلا).

[10] البحار 78 : 366 - كشف الغمة2 : 386.

[11] البحار : ألقوا، و في نزهة الناظر : ألقوا العلوم.

[12] نزهة الناظر : منها.

[13] نزهة الناظر : لما سئلت.

[14] أثبتناه من نزهة الناظر.

[15] نزهة الناظر : تلذ بقديم.

[16] نزهة الناظر : أول علي ما في شفتك.

[17] نزهة الناظر : ما حق.

[18] أثبتناه من نزهة الناظر، و في البحار : و الدهر، الزهو : الكبر و التيه و الفخر و العظمة (اللسان : زها).

[19] الغمط : احتقار الناس - هامش البحار.

[20] نزهة الناظر : داع الي التخبط في الجهل.

[21] نجع في الدواء : اذا عمل، و نجع فيه القول و الوعظ : عمل فيه و دخل و أثر (اللسان : نجع).

[22] فرس حرون : لا ينقاد، اذا اشتد به الجري وقف (اللسان : حرن).

[23] قليته قلي : أبغضته و كرهته، و تقلي الشي ء : تبغض (اللسان : قلا) و التقالي : التباغض.

[24] الشره : غلبة الحرص (اللسان : شره).

[25] القنوط : اليأس من الخير (اللسان : قنط).

[26] أثبتناه من نزهة الناظر.

[27] أثبتناه من نزهة الناظر.

[28] يعني ابن عبدالمطلب.

[29] نقلنا هذه الكلمة من نزهة الناظر و كان فيها جمل متكررة و مصحفة قد وردت في ضمن هذه المجموعة أعرضنا عنها بوضع نقاط مكانها.

[30] نزهة الناظر : هكذا جاء فيه : و أقل ما فيه أن تكون المغالطة أمتن أسباب القطيعة.

[31] نزهة الناظر : الهزؤه و كاهة.

[32] البحار78 : 369 و 370 - نزهة الناظر : 69.

[33] البراءة : 25.

[34] البحار : 50 / 162 / 41.

[35] هو أبويوسف يعقوب بن اسحاق الدورقي الأهوازي الامامي النحوي اللغوي الأديب كان ثقة جليلا من العظماء، و كان حامل لواء الأدب و الشعر، و له تصانيف مفيدة منها تهذيب الألفاظ و اصلاح المنطق.

ألزمه المتوكل تأديب ولده المعتز بالله، [و المؤيد]، فقال له يوما : أيما أحب اليك؟ ابناي هذان أم الحسن و الحسين؟ فقال ابن السكيت : و الله ان قنبرا خادم علي بن أبي طالب خير منك و من ابنيك، فقال المتوكل للأتراك : سلوا لسانه من قفاه! ففعلوا فمات (رحمة الله عليه) - هامش البحار.

[36] المناقب : و قهر.

[37] ليس في المناقب.

[38] النمل : 40.

[39] المناقب : عرفه.

[40] يوسف : 101.

[41] يونس : 94.

[42] أي و الحال أنه (ص) لم يكن في شك - هامش البحار.

[43] آل عمران : 61.

[44] لقمان : 27.

[45] ما سبذان : - بفتح السين و الباء الموحدة و الذال - و هي احدي مدن بين جبال كثيرة - في أطراف همدان - كثيرة الحمات و الكباريت (معجم البلدان 5 : 41)، و قد ورد في البحار : ما سيدان، و لعله مصحف.

[46] طه : 115.

[47] الشوري : 50.

[48] الفرقان : 68 و 69.

[49] الغلس : ظلمة آخر الليل اذا اختلطت بضوء الصباح (اللسان : غلس).

[50] هو الزبير بن العوام بن خويلد يكني أباعبدالله و كان امه صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله (ص) فهو ابن عمة النبي و ابن اخي خديجة زوجة الرسول (ص) من المحرضين علي حرب علي (ع) في واقعة الجمل المشهورة.

شهد الجمل مقاتلا لعلي (ع) فناداه علي ودعاه فانفرد به و قال له : أتذكر اذ كنت أنا و أنت مع رسول الله (ص) فنظر الي وضحك وضحكت، فقلت أنت : لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال : ليس بمزه، و لتقاتلنه و أنت له ظالم؟.

فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال فنزل بوادي السباع، و قام يصلي فأتاه ابن جرموز فقتله، و جاء بسيفه و رأسه الي علي (ع) فقال (ع) : ان هذا سيف طالما فرج الكرب عن رسول الله (ص).

ثم قال : بشر قاتل ابن صفية بالنار، و كان قتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الأولي سنة 36 ه- هامش البحار.

[51] ص : 39.

[52] البحار 50 : 164 / 41 - هذا الكلام من ابن أكثم دليل علي التعصب الأعمي و الحسد لما ظهر منه عليه السلام من أجوبة مفحمة له و قد نسي هذا المغرور يوم أفحمه والده الامام الجواد عليه السلام و هو في التاسعة من عمره الشريف و ذلك في مجلس المأمون العباسي حتي ضل متحيرا، و هذا لو كان مؤمنا لما لدغ مرتين و هو دليل علي بلاهته و سفاهته حيث كان يروم المقابلة مع من هم خزان علم الله و تراجم وحيه.

[53] غافر : 84.

[54] البحار50 : 172.

[55] البحار 50 : 171 - الهامش 2.

[56] البحار 50 : 176.

[57] البحار 50 : 172.