بازگشت

ردود الفعل من الناس حول جلبه


قال يحيي : فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس بمثله خوفا علي علي عليه السلام و قامت الدنيا علي ساق، لأنه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد، لم يكن عنده ميل الي الدنيا.

قال يحيي : فجعلت اسكنهم و أحلف لهم : أني لم اؤمر فيه بمكروه، و أنه لا بأس عليه، ثم فتشت منزله، فلم أجد فيه الا مصاحف و أدعية و كتب العلم، فعظم في عيني و توليت خدمته بنفسي، و أحسنت عشرته [1] .

فلما وصل الكتاب اليه و قرأه قال : انزلوا و ليس من جهتي خلاف، قال : فلما صرت اليه من الغد و كنا في تموز أشد ما يكون من الحر فاذا بين يديه خياط و هو يقطع من ثياب غلاظ خفاتين [2] له و لغلمانه، ثم قال للخياط : اجمع عليها جماعة من



[ صفحه 86]



الخياطين، و اعمد علي الفراغ منها يومك هذا و بكر بها الي في هذا الوقت ثم نظر الي و قال : يا يحيي اقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم و اعمد علي الرحيل غدا في هذا الوقت.

قال : فخرجت من عنده و أنا أتعجب من الخفاتين و أقول في نفسي : نحن في تموز و حر الحجاز و انما بيننا و بين العراق مسيرة عشرة أيام فما يصنع بهذه الثياب؟ ثم قلت في نفسي : هذا رجل لم يسافر، و هو يقدر أن كل سفر يحتاج فيه الي مثل هذه الثياب و العجب من الرافضة حيث يقولون بامامة هذا مع فهمه هذا.

فعدت اليه من [3] الغد في ذلك الوقت، فاذا الثياب قد احضرت، فقال لغلمانه : ادخلوا و خذوا لنا معكم لبابيد و برانس [4] ثم قال : ارحل يا يحيي، فقلت في نفسي : هذا أعجب من الأول أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتي أخذ معه اللبابيد و البرانس؟ فخرجت و أنا أستصغر فهمه [5] .

و خرج عليه السلام متوجها نحو العراق، و أتبعه بريحة مشيعا، فلما صار في بعض الطريق قال له بريحة : قد علمت وقوفك علي أني كنت السبب في حملك، و علي حلف بأيمان مغلظة لئن شكوتني الي أميرالمؤمنين أو [الي] [6] أحد من خاصته لأجمرن نخلك، و لأقتلن مواليك و لأغورن [7] عيون ضيعتك و لأفعلن و لأصنعن، [فالتفت اليه] [8] أبوالحسن عليه السلام فقال له : ان أقرب عرضي اياك علي الله البارحة، و ما كنت لأعرضك عليه ثم أشكوك [9] الي غيره من خلقه.



[ صفحه 87]



فانكب عليه [10] بريحة و ضرع اليه و استعفاه فقال له : قد عفوت عنك وسار [11] .

(قال يحيي) : فسرنا [12] حتي اذا وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت المناظرة في القبور ارتفعت سحابة و اسودت و أرعدت و أبرقت حتي اذا صارت علي رؤوسنا أرسلت علينا بردا [13] مثل الصخور، و قد شد علي نفسه و علي غلمانه الخفاتين و لبسوا اللبابيد و البرانس، فقال لغلمانه : ادفعوا الي يحيي لبادة و الي الكاتب برنسا و تجمعنا و البرد يأخذنا حتي قتل من أصحابي ثمانين رجلا و زالت [السحاب] [14] و رجع الحر كما كان.

فقال لي : يا يحيي أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من قد مات من أصحابك، فهكذا يملأ الله البرية قبورا.

قال يحيي : فرميت نفسي عن دابتي و عدوت اليه، و قبلت ركابه و رجله، و قلت : أنا أشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا عبده و رسوله، و أنكم خلفاء الله في أرضه، و قد كنت كافرا و انني الآن قد أسلمت علي يديك يا مولاي، قال يحيي : و تشيعت و لزمت خدمته الي أن مضي [15] .


پاورقي

[1] البحار 50 : 202 - الهامش.

[2] الخفاتين جمع خفتان : و هو الدرع من اللبد - هامش البحار.

[3] أثبتناه من الدمعة الساكبة، و في البحار : في.

[4] البرنس : كل ثوب رأسه منه ملتزق به، دراعة كان أوجبة، و قيل : قلنسوة طويلة (اللسان : برنس).

[5] البحار 50 : 142 / 27.

[6] أثبتناه من الدمعة الساكبة.

[7] الدمعة الساكبة : و لأعورن.

[8] أثبتناه من الدمعة الساكبة.

[9] الدمعة الساكبة : لأعرضنك عليه و أشكوك.

[10] أثبتناه من الدمعة الساكبة، و في أعيان الشيعة : اليه.

[11] أعيان الشيعة 2 : 38 - الدمعة الساكبة 8 : 199.

[12] أثبتناه من الدمعة الساكبة، و في البحار : فعبرنا.

[13] البرد : - بالتحريك - حب الغمام فقد يكون كبيرا مثل الصخور - هامش البحار.

[14] أثبتناه من الدمعة الساكبة.

[15] البحار 50 : 144 / 27.