بازگشت

ما ظهر من معاجزه و كراماته في مجلس المتوكل


فمن جملتها ما ظهر منه من الكرامة و الشأن ما لم يتمكن الحساد من مشاهدته.

1- البحار : روي : عن سلمة الكاتب قال : قال خطيب يلقب بالهريسة للمتوكل : ما يعمل أحد بك ما تعمله بنفسك في علي بن محمد، فلا في الدار الا من يخدمه، و لا يتعبونه بشيل [1] الستر لنفسه، فأمر المتوكل بذلك فرفع صاحب الخبر أن علي بن محمد عليهماالسلام دخل الدار، فلم يخدم و لم يشل أحد بين يديه الستر فهب هواء فرفع الستر حتي دخل و خرج، فقال : شيلوا له الستر بعد ذلك فلا نريد أن يشيل له الهواء.

و في تخريج أبي سعيد العامري رواية عن صالح بن الحكم بياع السابري قال : كنت واقفيا فلما أخبرني حاجب المتوكل بذلك أقبلت أستهزي ء به اذ خرج أبوالحسن عليه السلام فتبسم في وجهي من غير معرفة بيني و بينة، و قال : يا صالح ان الله تعالي قال في سليمان «فسخرنا له الريح تجري بأمره رخآء حيث أصاب» [2] و نبيك و أوصياء نبيك أكرم علي الله تعالي من سليمان، قال : و كأنما انسل من قلبي الضلالة، فتركت الوقف [3] .

2- البحار : روي أبوسعيد، قال : حدثنا أبوالعباس الكاتب و نحن في داره بسامرة فجري ذكر أبي الحسن فقال : يا أباسعيد اني احدثك بشي ء حدثني به أبي قال : كنا مع المعتز و كان أبي كاتبه فدخلنا الدار، و اذا المتوكل علي سريره قاعد، فسلم المعتز و وقف و وقفت خلفه، و كان عهدي به اذا دخل رحب به و يأمر بالقعود فأطال القيام، و جعل يرفع رجلا و يضع اخري و هو لا يأذن له بالقعود.

و نظرت الي وجهه يتغير ساعة بعد ساعة و يقبل علي الفتح بن خاقان و يقول : هذا



[ صفحه 93]



الذي تقول فيه ما تقول، و يردد القول، و الفتح مقبل عليه يسكنه و يقول : مكذوب عليه يا أميرالمؤمنين و هو يتلظي [4] و يقول : و الله لأقتلن هذا المرائي الزنديق [5] و هو يدعي الكذب، و يطعن في دولتي ثم قال : جئني بأربعة من الخزر [6] فجي ء بهم و دفع اليهم أربعة أسياف، و أمرهم أن يرطنوا بألسنتهم اذا دخل أبوالحسن، و يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه، و هو يقول : و الله لاحرقنه بعد القتل، و أنا منتصب قائم خلف المعتز من وراء الستر.

فما علمت الا بأبي الحسن قد دخل، و قد بادر الناس قدامه، و قالوا : قد جاء و التفت فاذا أنا به و شفتاه يتحر كان، و هو غير مكروب و لا جازع، فلما بصر به المتوكل رمي بنفسه عن السرير اليه، و هو سبقه، وانكب عليه فقبل بين عينيه و يده، و سيفه بيده، و هو يقول : يا سيدي يا ابن رسول الله يا خير خلق الله يا ابن عمي يا مولاي يا أباالحسن! و أبوالحسن عليه السلام يقول : اعيذك يا أميرالمؤمنين بالله اعفني من هذا، فقال : ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت قال : جاءني رسولك فقال : المتوكل يدعوك؟ فقال : كذب ابن الفاعلة ارجع يا سيدي من حيث شئت، يا فتح! يا عبيدالله! يا معتز! شيعوا سيدكم و سيدي.

فلما بصر به الخزر خروا سجدا مذعنين فلما خرج دعاهم المتوكل ثم أمر الترجمان أن يخبره بما يقولون، ثم قال لهم : لم لم تفعلوا ما امرتم؟ قالوا : شدة هيبته، رأينا حوله أكثر ن مائة سيف لم نقدر أن نتأملهم، فمنعنا ذلك عما أمرت به، و امتلأت قلوبنا من ذلك، فقال المتوكل : يا فتح هذا صاحبك، وضحك في وجه الفتح وضحك الفتح في



[ صفحه 94]



وجهه، فقال : الحمدلله الذي بيض وجهه، و أنار حجته [7] .

أقول : و انما دعاهم المتوكل لكي يتبين منهم أيضا السبب من عدم هجومهم عليه و قتله بعد ما أمرهم بذلك و استعدوا لتنفيذ أوامره، و أنه هو نفسه الذي رأي ذلك أم لا؟.

و يظهر أنه رأي ما رآه الخزر أيضا حيث دعاه الي أن يخضع و يتذلل أمام الامام بتلك الكلمات التي صدرت منه، بعد ما غضب عليه غاية الغضب، بحيث جعل يقذفه بكلمات بذية و يحلف علي قتله و حرقه.

و مع كل هذه المشاهد التي كانت تظهر منه عليه السلام من الكرامات لم يزدادوا الا طغيانا و حقدا و حسدا.

3- البحار : و عن الجهني قال : حضر مجلس المتوكل مشعبذ هندي فلعب عنده بالحق [8] فأعجبه، فقال له المتوكل : يا هندي الساعة يحضر مجلسنا رجل شريف فاذا حضر فالعب عنده بما يخجله.

قال : فلما حضر أبوالحسن عليه السلام المجلس، لعب الهندي فلم يلتفت اليه فقال له : يا شريف ما يعجبك لعبي؟ كأنك جائع، ثم أشار الي صورة مدورة في البساط علي شكل الرغيف، و قال : يا رغيف مر الي هذا الشريف، فارتفعت الصورة فوضع أبوالحسن عليه السلام يده علي صورة سبع في البساط و قال : قم فخذ هذا فصارت الصورة سبعا و ابتلع الهندي و عاد الي مكانه في البساط فسقط المتوكل لوجهه و هرب من كان قائما [9] .

4- البحار : روي : أن المتوكل قيل له : ان أبالحسن يعني علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام يفسر قول الله عزوجل «يوم يعض الظالم علي يديه» [10] الآيتين في الأول و الثاني، قال : فكيف الوجه في أمره؟ قالوا : تجمع له الناس و تسأله بحضرتهم



[ صفحه 95]



فان فسرها بهذا كفاك الحاضرون أمره، و ان فسرها بخلاف ذلك افتضح عند أصحابه، قال : فوجه الي القضاة و بني هاشم و الأولياء، و سئل عليه السلام، فقال : هذان رجلان كني عنهما، و من بالستر عليهما أفيحب أميرالمؤمنين أن يكشف ما ستره الله؟ فقال : لا احب [11] .

5- البحار : و دخل عليه السلام يوما علي المتوكل فقال : يا اباالحسن من أشعر الناس؟ و كان قد سأل قبله لابن الجهم فذكر شعراء الجاهلية و شعراء الاسلام فلما سأل الامام عليه السلام قال : فلان بن فلان العلوي - قال ابن الفحام - : و أخوه الحماني [12] قال : حيث يقول :



لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمط خدود و امتداد أصابع



فلما تنازعنا المقال قضي لنا

عليهم بما يهوي نداء الصوامع



ترانا سكوتا و الشهيد بفضلنا

عليهم جهير الصوت في كل جامع



فان رسول الله أحمد جدنا

و نحن بنوه كالنجوم الطوالع



قال : و ما نداء الصوامع يا أباالحسن؟ قال : أشهد أن لا اله الا الله و أشهد أن محمدا رسول الله صلي الله عليه و آله جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل كثيرا، ثم قال : هو جدك لاندفعك عنه [13] .


پاورقي

[1] أثبتناه من الدمعة الساكبة، و في البحار : يشيل.

[2] ص : 36، و قد جاءت في الرواية هكذا : و سخرنا... الخ.

[3] البحار 50 : 203 / 12 - الدمعة الساكبة 8 : 208 .

[4] يتلظي علي فلان : اذا توقد عليه من شدة الغضب (اللسان : لظي).

[5] انما نقلنا كلامه (لعنه الله) هنا ليتبين خبث باطنه و سوء سريرته من جهة، و من جهة اخري مراعاة لأمانة النقل.

[6] الخزر - بالتحريك - : هي بلاد الترك، و اسم اقليم من قصبة تسمي اتل، و اتل اسم لنهر يجري الي الخزر من الروس و بلغار، و أيضا هو انقلاب في الحدقة نحو اللحاظ، و هو أقبح الحال (معجم البلدان2 : 367).

[7] البحار 50 : 196 / 8.

[8] تقدم معناه.

[9] البحار 50 : 211 / 24.

[10] الفرقان : 27.

[11] البحار 50 : 214 / 26.

[12] الحماني - بكسر الحاء و تشديد الميم، نسبة الي حمان بن عبد العزي بطن من تميم من العدنانية - أبوزكريا يحيي بن عبدالحميد... الكوفي، قدم بغداد و حدث بها عن جماعة كثيرة منهم سفيان بن عيينة... ذكره الخطيب في تاريخ بغداد.

مات سنة 228 بسر من رأي في شهر رمضان، و كان أول من مات بسامراء من المحدثين الذين أقدموا، له كتاب في المناقب يروي عنه أحمد بن ميثم - هامش البحار.

[13] البحار 50 : 129 / 6 و190 / 2.