نذر ام المتوكل له
مرض المتوكل من خراج [1] خرج به، فأشرف منه علي التلف، فلم يجسر أحد أن يمسه بحديدة، فنذرت امه ان عوفي أن يحمل الي أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام مالا جليلا من مالها.
و قال له الفتح بن خاقان [2] : لو بعثت الي هذا الرجل - يعني أباالحسن - فسألته فانه ربما كان عنده صفة شي ء يفرج الله به عنك، قال : ابعثوا اليه فمضي الرسول و رجع، فقال : خذوا كسب [3] الغنم فديفوه بماء ورد، وضعوه علي الخراج فانه نافع باذن الله.
فجعل من بحضرة المتوكل يهزأ من قوله، فقال لهم الفتح : و ما يضر من تجربته ما قال، فوالله اني لأرجو الصلاح به، فاحضر الكسب، وديف بماء الورد و وضع علي الخراج، فانفتح و خرج ما كان فيه، و بشرت ام المتوكل بعافيته فحملت الي أبي الحسن عليه السلام عشرة الآف دينار تحت ختمها فاستقل [4] المتوكل من علته.
[ صفحه 100]
فلما كان بعد أيام سعي البطحائي [5] بأبي الحسن عليه السلام الي المتوكل فقال : عنده سلاح و أموال، فتقدم المتوكل الي سعيد الحاجب أن يهجم ليلا عليه، و يأخذ ما يجد عنده من الأموال و السلاح، و يحمل اليه.
فقال ابراهيم بن محمد : قال لي سعيد الحاجب : صرت الي دار أبي الحسن عليه السلام بالليل و معي سلم، فصعدت منه الي السطح، و نزلت من الدرجة الي بعضها في الظلمة، فلم أدر كيف أصل الي الدار فناداني أبوالحسن عليه السلام من الدار : يا سعيد مكانك حتي يأتوك بشمعة، فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبة من صوف و قلنسوة منها و سجادته علي حصير بين يديه و هو مقبل علي القبلة فقال لي : دونك بالبيوت.
فدخلتها و فتشتها فلم أجد فيها شيئا، و وجدت البدرة مختومة بخاتم ام المتوكل [6] و كيسا مختوما معها، فقال أبوالحسن عليه السلام : دونك المصلي فرفعت فوجدت سيفا في جفن غير ملبوس، فأخذت ذلك و صرت اليه.
فلما نظر الي خاتم امه علي البدرة بعث اليها، فخرجت اليه، فسألها عن البدرة، فأخبرني بعض خدم الخاصة أنها قالت له : كنت نذرت في علتك ان عوفيت أن أحمل اليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها اليه و هذا خاتمك علي الكيس ما حركها.
و فتح الكيس الآخر و كان فيه أربعمائة دينار، فأمر أن يضم الي البدرة بدرة اخري و قال لي : احمل ذلك الي أبي الحسن واردد عليه السيف و الكيس بما فيه، فحملت ذلك اليه و استحييت منه، و قلت : يا سيدي عز علي بدخول دارك بغير اذنك، ولكني مأمور
[ صفحه 101]
به، فقال لي : «و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون» [7] .
پاورقي
[1] الخراج - كغراب - القروح و الدماميل العظيمة - هامش البحار.
[2] كان الفتح بن خاقان التركي مولاه أغلب الناس عليه، و أقربهم منه، و أكثرهم تقدما عنده... الخ (مروج الذهب 4 : 99).
[3] الكسب - وزان قفل - ثفل الدهن، و هو معرب و أصله الكشب (المصباح).
[4] استقل : نهض (اللسان : قلل).
[5] هو أبوعبدالله محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن أميرالمؤمنين عليهماالسلام، و هو و أبوه و جده كانوا مظاهرين لبني العباس علي سائر أولاد أبي طالب.
و قال في عمدة الطالب : انه يلقب بالبطحائي - منسوبا الي بطحاء أو الي بطحان.. واد بالمدينة - هامش البحار.
[6] هي ام ولد خوارزمية يقال لها شجاع توفيت في سنة 247 (مروج الذهب 4 : 98 و 136 ).
[7] البحار 50 : 198 / 10.