بازگشت

السبب الذي من أجله دفن في بيته


لقد جرت العادة منذ الزمن الأول عند العامة و الخاصة أنه اذا توفي أحد أن يدفن في المكان المعد للموتي المسمي - بالمقبرة أو الجبانة - كما هو المتعارف في هذا العصر أيضا، و لا يختلف هذا الأمر بالنسبة لأي شخص مهما كان له من المكانة و المنزلة، فقد كان و لا يزال في المدينة المحل المعد للدفن - البقيع - حيث أنه مثوي لأئمة أهل البيت عليهم السلام، و زوجات النبي صلي الله عليه و آله، و أولاده، و كبار الصحابة و التابعين، و غيرهم، كما و أن مدفن الامامين الجوادين عليهماالسلام في مقابر قريش.

و أما السبب في دفن الامام الهادي عليه السلام داخل بيته، يعود الي حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهاده عليه السلام و ذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاء و السخط علي أركان السلطة، الذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام الي الخليقة لتضلعه في قتله.

و للشارع الذي اخرجت جنازة الامام عليه السلام اليه الأثر الكبير، حيث كان



[ صفحه 118]



محلا لتواجد معظم الموالين لآل البيت عليهم السلام اذ ورد في وصفه :

الشارع الثاني يعرف بأبي أحمد... أول هذا الشارع من المشرق دار بختيشوع المتطبب التي بناها المتوكل، ثم قطائع قواد خراسان و أسبابهم من العرب، و من أهل قم، و اصبهان، و قزوين، و الجبل، و آذربيجان، يمنة في الجنوب مما يلي القبلة [1] ...

و يشير الي تواجد أتباع مدرسة أهل البيت في سامراء المظفري في تاريخه اذ يقول : فكم كان بين الجند، و القواد، و الامراء، و الكتاب، من يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيت عليهم السلام [2] .

كل هذا أدي الي اتخاذ السلطة القرار بدفنه عليه السلام في بيته، و ان لم تتجلي تلك الصورة في التاريخ بوضوح، الا أنه يفهم مما تطرق اليه اليعقوبي في تاريخة عند ذكره حوادث عام 254 ه و وفاة الامام الهادي عليه السلام حيث يقول :

... و بعث المعتز بأخيه أحمد بن المتوكل فصلي عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد، فلما كثر الناس و اجتمعوا كثر بكاؤهم و ضجتهم، فرد النعش الي داره، فدفن فيها... [3] .

و تمكنوا بذلك من اخماد لهيب الانتفاضة و القضاء علي نقمة الجماهير الغاضبة، و هذا ان دل علي شي ء فانما يدل علي وجود التحرك الشيعي رغم الظروف القاسية التي كانت تعاني منها أئمة أهل البيت عليهم السلام و شيعتهم من سلطة الخلافة الغاشمة.


پاورقي

[1] موسوعة العتبات المقدسة 12 : 81.

[2] تاريخ الشيعة : 101.

[3] تاريخ اليعقوبي 2 : 503.