الرد علي الشبهات الفلسفية (رسالة الامام في الجبر و التفويض)
ان الرد علي الشبهات الفلسفية و الانحرافات الفكرية من المجالات المهمة لعمل الائمة و قد ابتلي العالم الاسلامي بظهور طبقة من المتفلسفين الذين يحاولون زعزعة الامة بأفكارها الاسلامية و قد تصدي الائمة (ع) للرد علي هذه الشبهات و للامام الهادي (ع) رد علي شبهة الجبر و التفويض.
في رسالة طويلة و مركزة افتتحها بقوله:
من علي بن محمد، سلام عليكم و علي من اتبع الهدي و رحمة الله و بركاته، فانه ورد علي كتابكم و فهمت ماكتبتم من اختلافكم في دينكم و خوضكم في القدر و مقالة من يقول منكم بالجبر و من يقول بالتفويض و تفرقكم في ذلك و تقاطعكم و م اظهر من العداوة بينكم، ثم سألتموني عنه و بيانه لكم و فهمت ذلك كله. [1] .
و قد تعرض الامام عليه السلام فيها الي مفاهيم عميقة تدخل في فهم قضية الجبر و التفويض و بعد الاحالة علي قراءة هذه الرسالة المهمة (انظر ملحق هذا الكتاب) تثبت النقاط التالية حولها: -
أ) لوجود اختلافات فكرية بين اتباع الامام في موضع الجبر و التفويض نتيجة لرواج الفكر الفلسفي آنذاك. كتبوا الي الامام الهادي (ع) يشرحون له حالهم و يطلبون منه تبيان النظرة الصحيحة
[ صفحه 138]
في الموضوع.
ب) منهج الامام في الرد علي المستفسرين.
وضع الامام (ع) مقدمات قبل الرد علي مسألة الجبر و التفويض و هذه المقدمات:
1- القاعدة الاولي:
«ان الامور لاتخلو من معنيين اما حق فيتبع او باطل فيجتنب»
2- القاعدة الثانية:
«اجتمعت الامة علي ان القرآن حق لاريب فيه»
3- القاعدة الثالثة:
«اذا شهد القرآن بتصديق خبر و تأكيده و أنكر الخبر طائفة من الأمة لزمهم الأقرار به ضرورة حيث اجتمعت في الاصل علي تصديق الكتاب»
4- القاعدة الرابعة:
بعد ذلك يضع الامام قاعدة اخري مفادها:
«الاخذ عن اهل البيت لأنهم معدن العلم و الحكمة و عندهم الاجابة علي المهمات»
وضع الامام هذه المقدمات كمدخل لمناقشة قضية الجبر و التفويض علي اسس ثابته قويمة.
ج) الاجابة:
يعتمد الامام الهادي (ع) علي كلمة مختصرة للامام الصادق (ع) بخصوص الموضوع فيستفيض بشرحها فيقدم للمسلمين خير بحث في الجبر و التفويض. و يبين الامام ان هناك ثلاثة اتجاهات في التعامل مع المسألة هي:
1- القول بالجبر.
2- القول بالتفويض.
[ صفحه 139]
3- القول بالمنزلة بين المنزلتين لاجبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين و هذه المدرسة هي مدرسة أهل البيت و قد أقام الامام الهادي الأدلة علي هذه النظرة.
4- العناصر التي تقوم فكرة المنزلة بين المنزلتين و هي خمسة نثبتها ادناه:
أ) صحة الخلق: كمال الخلق للانسان و كمال الحواس و ثبات العقل و التمييز و اطلاق اللسان بالنطق.
ب) تخلية السرب: عدم وجود الرقيب عليه يمنعه او يجبره علي عمل و الا فهو في حل من امره.
ج) المهلة في الوقت: العمر و هو من حد ما تجب عليه المعرفة الي اجل الوقت اي من وقت تمييزه و بلوغ الحلم الي ان يأتيه الأجل.
د) الزاد و الراحة: هو الجدة و البلغة التي يستعين بها العبد علي ما امره الله به.
ه) السبب المهيج للفاعل علي فعله: و هو النية التي هي داعية الانسان الي جميع الافعال و حاستها القلب فمن فعل فعلا لم يعقد قلبه عليه لم يقبل الله منه عملا الا بصدق النية.
پاورقي
[1] انظر تحف العقول ص 352 - 338.