الجهل بحقيقة الموت
سئل الامام أبوالحسن الهادي عليه السلام ما بال هؤلاء المسلمين يكرهون الموت؟ قال عليه السلام: لأنهم جهلوه فكرهوه، و لو عرفوه و كانوا من اولياء الله عزوجل لاحبوه، و لعلموا ان الآخرة خير من الدنيا...».
والتفت الامام الي اصحابه فقال لهم:
«ما بال الصبي و المجنون يمتنعان عن الدواء المنقي لأبدانهم و النافي للألم عنهم؟...».
فاجابوه
«لجهلهم بنفع الدواء...»
فقال عليه السلام: «والذي بعث محمدا بالحق نبيا، من استعد للموت انفع له من هذا الدواء لهذا المعالج، اما انهم لو عرفوا ما يودي اليه من النعيم لا ستدعوه و احبوه اشد ما يستدعي العاقل الحازم للدواء لدفع الآفات، و جلب السلامة...» [1] .
و اعرب الامام في حديث آخر عن واقع الموت و حقيقته، و انه ينبغي لمؤمن اذا نزل بساحته ان لا يحزن و لا يجزع، فقد دخل عليه السلام علي مريض من اصحابه فرآه يبكي جزعا من الموت فقال عليه السلام له:
«يا عبدالله تخاف من الموت لأنك لا تعرفه، ارأيتك اذا اتسخت، و تقذرت و تأذيت من كثرة القذر و الوسخ عليك، و اصابك قروح وجرب،
[ صفحه 155]
و علمت أن الغسل في الحمام يزيل ذلك كله أما تريد ان تدخله فتغسل ذلك عنك أو تكره أن تدخله فيبقي ذلك عليك؟...».
و أنبري المريض فقال: بلي يا ابن رسول الله صلي الله عليك و آلك و سلم و قد ابدي رغبته بدخول الحمام.
فاجابه الامام عليه السلام.
«فذلك الموت هو ذلك الحمام، و هو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك و تنقيتك من سيئآتك، فاذا انت وردت عليه، و جاورته، فقد نجوت من كل هم غم واذي، و وصلت الي كل سرور و فرح...»
و سكن المريض، و استسلم للموت، و رضي بأمر الله [2] .
ان رقدة الموت مما يستريح بها المؤمن من آلام الدنيا و همومها، و يحل في دار النعيم التي لا شقاء فيها.
پاورقي
[1] معاني الأخبار للصدوق.
[2] معاني الأخبار للصدوق.