بازگشت

دعوة بركوار


و هذه الدعوة من أهم الدعوات التي أقيمت في العالم العربي و الاسلامي، و قد أقامها المتوكل حينما ختن بعض أولاده، و قد أنفق فيها من الأموال ما لا يحصي، فقد نقل العمراني صورة عن تلك الدعوة قال: و نصب السماط علي حافة دجلة، و تناول الناس الطعام علي اختلاف طبقاتهم، ثم قدمت لهم أقداح الشراب فشربوا، و أمر المتوكل أن تنتقل الدراهم و الدنانير المختلطة في الغرائر [1] و نصب قبابا بين أيدي الناس، و أمر مناديا فنادي كل من شرب قدحا فليأخذ ثلاث حفنات، فأخذ كل واحد ثلاث حفنات، و استمر الوضع الي آخر النهار، كما أمر المتوكل أن تصب الدنانير و الدراهم المختلطة في وسط المجلس، فصبت و قد بلغت من الكثرة ان حالت من رؤية بعضهم بعضا، و نادي مناديه ان أميرالمؤمنين أباح لكم نهب هذه الأموال، فوقع الناس عليها، و أخذوها... و لما جاء الليل اشتعلت الشموع من العنبر، و كان بعضها كالنخلة، و نصبت علي ساحل دجلة فكان



[ صفحه 307]



الانسان في الجانب الآخر من ساحل دجلة يقرأ الكتب علي ضوء تلك الشموع.

و التفت المتوكل الي شيخ معمر فقال له:

«أين دعوة بركوارا، من دعوة فم الصلح؟...».

أما دعوة (فم الصلح) فهي الاحتفال بزواج المأمون بالسيدة بوران، و قد انفق فيه من الأموال ما لم يشاهد مثله في جيمع مراحل التاريخ الانساني، و قد نقل الشيخ في حديثه جانبا منه قال:

«لا يمكنني ذكر التفصيل، ولكن أذكر جملة استدل بها علي ما أقوله: شاهدت في عرس بوران بفم الصلح علي باب القرية كالجبل العظيم من القوانس و الكبود للدجاج و البط و الوز و الحملان و الصيود و انواع الطير بحيث جاف العسكر و احتاج الحسن بن سهل الي أن احضر جمال العرب فنقلت بعضها، و رمي البعض منها في دجلة فلم يمكن الشرب منه أياما لنتن رائحته... و شاهدت - يا أميرالمؤمنين - خدمك و غلمانك في دعوة بركوارا يتخاصمون علي القوانس و الكبود!!!».

فبهر المتوكل و راح يقول:

«الله أكبر ما تركوا لنا ما نذكر به...» [2] .


پاورقي

[1] الغرائر: هي الجوالق و هو العدل من الصوف أو الشعر.

[2] الأنباء في تاريخ الخلفاء مصور.