بازگشت

الغلاة و اهل البدع


اتخذ الأئمة الأطهار من أهل البيت عليهم السلام و شيعتهم مواقف صريحة و صلبة من الغلو و الغلاة، فقد أعلنوا عن كفرهم و الحادهم و البراءة منهم، حفاظا علي الخط الرسالي الذي دافع عنه الأئمة عليهم السلام بكل ما اتيح لهم من وسائل، و لم يدخروا في هذا السبيل وسعا و جهدا.

و لقد اندس في صفوف شيعة أهل البيت عليهم السلام زمرة خبيثة من أهل الدجل و البدع و الأضاليل الي حد الالحاد و الكفر، حاملين معاول الهدم في صرح مبادئ الاسلام و تعاليمه السامية، فأغروا بعض السذج الذين لا يملكون أي وعي و تدبر.

فلقد انتحل الغلاة بعض الأحاديث و دسوها في أقوال الأئمة عليهم السلام و ذلك لكسب الأنصار و المؤيدين من جهة، و تهديم الشريعة و تشويهها من جهة اخري.

قال الامام الرضا عليه السلام: ان مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا، و جعلوها



[ صفحه 258]



علي ثلاثة أقسام: أحدها الغلو، و ثانيها التقصير في أمرنا، و ثالثها التصريح بمثالب أعدائنا، فاذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا و نسبوهم الي القول بربوبيتنا، و اذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا، و اذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم ثلبونا بأسمائنا. [1] .

و من رؤوس هؤلاء الغلاة المعاصرين للامام الهادي عليه السلام علي بن حسكة، و القاسم بن يقطين، و الحسن بن محمد بن باب القمي، و فارس بن حاتم بن ماهويه القزويني، و محمد بن نصير الفهري النميري.

لقد اختلق هؤلاء الأحاديث علي لسان الأئمة عليهم السلام التي تشمئز منها النفوس، و من بدعهم التي حاولوا فيها الكيد للاسلام و تشويه واقع الأئمة من أهل البيت عليهم السلام ادعاؤهم أن الصلاة و الزكاة و الصيام و سائر الفرائض جميعها رجل، فاستهتروا بسائر السنن الالهية، و أسقطوا الفرائض عمن دان بمذهبهم، بل و أباحوا نكاح المحارم و اللواط و قالوا بالتناسخ و ما الي ذلك من المحرمات.

والأنكي من جميع ذلك أنهم ادعوا أن الامام الهادي عليه السلام هو الرب الخالق و المدبر للكون، و أنه بعث ابن حسكة و محمد بن نصير الفهري و ابن بابا و غيرهم أنبياء يدعون الناس اليهم و يهدونهم، و كان هدفهم الأساس هو الاستحواذ علي أموال الناس و الحقوق و الوجوه الشرعية التي تحمل الي الامام عليه السلام كما هو ظاهر بعض الروايات الآتية.

و علي الرغم من الاقامة الجبرية التي فرضت علي الامام الهادي عليه السلام في ظل خلفاء بني العباس، و ملاحقة مواليه و شيعته و محبيه، فانه عليه السلام و أصحابه رضوان الله



[ صفحه 259]



عليهم لم يدخروا جهدا في سبيل التصدي لهذة الحركة المنحرفة، ضمن المسؤولية الشرعية و العلمية المناطة به عليه السلام لتصحيح المسار الاسلامي بكل ما حوي من علوم و معارف و اتجاهات، فقد لعنهم الامام عليه السلام و أعلن البراءة منهم، و دعا الي نبذ أتباعهم، و حذر أصحابه و سائر المسلمين من الاتصال بهم أو الانخذاع بمفترياتهم و دسائسهم، بل و أمر بقتل زعيم الغلاة في وقته فارس بن حاتم، و ضمن لقاتله الجنة، كما سيأتي بيانه في الروايات.


پاورقي

[1] عيون أخبار الرضا عليه السلام 304: 1.