بازگشت

الشيخ محمدحسين الاصفهاني


هو الشيخ محمدحسين بن محمدحسن الاصفهاني النجفي، الشهير بالكمباني، من أعاظم العلماء، و أجلاء الفلاسفة، توفي في سنة 1361 ه، و دفن في النجف، و ترك آثارا، منها: نهاية الدراية، اصول الفقه، حاشية المكاسب، ديوان شعر فارسي، الأنوار القدسية (ارجوزة في تأريخ المصطفي و العترة عليهم السلام). نقباء البشر 560: 2.

قال في ارجوزته في الامام أبي الحسن علي بن محمدالهادي صلوات الله عليهما:



لقد تجلي مبدأ الايجاد

في غاية الوجود باسم الهادي



أحسن خلق كل شي ء فهدي

و باسمه الهادي اهتدي من اهتدي



ميز بين الماء و السراب

بالعلم الهادي الي الصواب



فبان وجه الحق ذاتا و صفة

بنير العلم و نور المعرفة



[ صفحه 485]



و انفجرت لكل قلب صادي

عين الحياة من محيا الهادي



منه حياة الروح بالهداية

بل مطلق الحياة بالعناية



بل هو في العقول و الأرواح

كالروح في الأجساد و الأشباح



كيف و من مشرقه صبح الأزل

فلا يزال مشرقا و لم يزل



به حياة عالم الامكان

فانه كالنفس الرحماني



معني الحقيقة المحمدية

و صورة المشية الفعلية



الجوارح



و وجهه في مصحف الامكان

فاتحة الكتاب في القرآن



بل وجهه عنوان حسن الذات

ديباجة الأسماء و الصفات



طلعته مطلع نور النور

و مشرق الشموس و البدور



غرته في افق الامامة

بارقة العزة و الكرامة



نور الهدي و الرشد في جبينه

بحر الندي و الجود في يمينه



بل هي بيضاء سماء المعرفة

بها أضاء كل اسم و صفة



بل يده في البسط فوق كل يد

و كيف لا و هي يدالله الأحد



كلتا يديه مبدأ الأيادي

و فيهما آية المراد



ففي اليمين قلم العناية

و في الشمال علم الهداية



و اليمن و الأمان في يمناه

و اليسر و اليسار في يسراه



و عينه باصرة البصائر

و نورها النافذ في الضمائر



بل عينه في النور و الشعاع

انسان عين عالم الابداع



بل هي في الضياء و البهاء

قرة عين عالم الأسماء



[ صفحه 486]



الجوانح



أنفاسه جواهر الناسوت

و صدره خزانة اللاهوت



و قلبه في قالب الامكان

كالروح في الأعيان و الأكوان



و كيف و هو أعظم المظاهر

للمتجلي بالجمال الباهر



همته فوق سماوات الهمم

بل هي كالعنقاء في قاف القدم



و عزمه يكاد يسبق القضا

كيف و في رضاه الله رضا



و هو له ولاية الهداية

في منتهي مراتب الولاية



و هو يمثل النبي الهادي

في بث روح العلم و الارشاد



فانه لكل قوم هاد

كجده المنذر للعباد



بل سره الخفي في هدايته

موصل كل ممكن لغايته



فهو له في مسند التمكين

هداية التشريع و التكوين



لم يزل نقيا



هو النقي لم يزل نقيا

و كان عند ربه مرضيا



بل هو من شوائب الامكان

مقدس بمحكم البرهان



و كيف و هو برزخ البرازخ

و دونه كل مقام شامخ



و سره بكل معناه نقي

فانه سر الوجود المطلق



فهو مجرد عن القيود

فكيف بالرسوم و الحدود



فهو نقي السر و السريرة

و سر جده بحكم السيرة



و هو كتاب ليس فيه ريب

و شاهد فيه تجلي الغيب





[ صفحه 487]



و كيف لا و هو ابن من تدلي

في قربه من العلي الأعلي



ما كذب الفؤاد ما رآه

مذ بلغ الشهود منتهاه



مرآته نقية من الكدر

فما طغي قط و ما زاغ البصر



الجلال و الجمال



حاز من الجلال و الجمال

ما جاوز الحد من الكمال



كما له ليس له نهاية

فانه غاية كل غاية



و في محيط كل اسم و صفة

هو المدار عند أهل المعرفة



و محور الأفلاك بل مديرها

بل منه أدني أثر أثيرها



و العرش و السبع العلي ببابه

مثنية العطف الي أعتابه



له من النعوت و الشؤون

ما جل أن يخطر في الظنون



بابه و الكعبة



و بابه باب رواق العظمة

و مستجار الكعبة المعظمة



و هو مطاف الملأ الأعلي كما

تطوف بالضراح أملاك السما



و بابه كعبة أهل المعرفة

لهم بها مناسك موظفة



و هو مني و فيه غاية المني

و كيف لا و هو مقام من دنا



فأين منه الحجر و المقام

و أين منه المشعر الحرام



و الحرم الآمن حريم بابه

و البيت منسوب الي جنابه



ملجأ كل ملة و نحلة

و هو لأرباب القلوب قبلة



ملاذ كل حاضر و باد

و كيف لا و الباب باب الهادي



[ صفحه 488]



بل هو باب الله من أتاه

فقد أتي الله فما أعلاه



و لست احصي مكرمات الهادي

فانها في العد كالأعداد



وجوده الفرد



وجوده الفرد مقوم العدد

فهو مثال واحدية الأحد



مقامه المنيع جمع الجمع

بمحكم العقل و حكم السمع



و ليس يدنو من مقامه العلي

لا ملك و لا نبي أو ولي



و ليس في وسع نبي أو ملك

نيل مقام دونه أعلي الفلك



له معارج الي الصعود

في مبتداها منتهي الشهود



اذ هو سر من رقي أرقاها

و نال أقصي العز من أدناها



لا يرتقيها أحد سواه

غاية سير الغير مبتداه



هي المقامات فما أرقاها

اذ منتهي السدرة مبتداها



ويل لشانئيه



ويل لمن مشاه في ركابه

أساءه منه الي حبابه



و هو ابن من أسري به الجليل

و كان في ركابه جبريل



أبوه فارس الوجود كله

و رامح السماء تحت ظله



أفي ركاب العبد يمشي سيده

لا والذي ينصره يؤيده



فانتصر الله له بالمنتصر

و هكذا أخذ عزيز مقتدر



و كم أساء المتوكل الأدب

أحضره عند الشراب و الطرب



و هو من السنة و الكتاب

منزلة اللب من اللباب



[ صفحه 489]



أهذه القبائح الشنيعة

بمحضر من صاحب الشريعة



أيطلب الشرب من الامام

و هو ولي عصمة الأحكام



أيطلب الغناء بالأشعار

من معدن الحكمة و الأنوار



خان الصعاليك



أنزله في أشنع المنازل

و فخر كل منزل بالنازل



من هو عند ربه مكين

فلا عليه أينما يكون



له رياض القدس مأوي و مقر

خان الصعاليك غطاء للبصر



شاهد منه في بني الرسول

ما كاد أن يذهب بالعقول



و كم أساء القول في أبيه

علي القدر و في بنيه



حتي انتهي الأمر الي الصديقة

فأظهر الكفر علي الحقيقة



عاجله المنتقم القهار

بضربة تقدح منها النار



فانهار في نار الجحيم الموصدة

مخلدا في عمد ممددة



المصائب



قاسي الامام من بني العباس

ما ليس في الوهم و في القياس



كم مرة من بعد مرة حبس

و هو بما يراه منهم محتبس



حتي قضي بالغم عمرا كاملا

فسمه المعتز سما قاتلا



قضي شهيدا في ديار الغربة

في شدة و محنة و كربة



من بكي عليه



بكته عين الرشد و الهداية

حيث هوي منها أجل رأيه



[ صفحه 490]



بكته عين العلم و الآداب

و محكم السنة و الكتاب



بكته عين الفلك الدوار

حزنا علي المدير و المدار



بكاه آدم الصفي مذ مضي

صفاء وجه الدهر و اسود الفضا



و ناح نوح لعظيم شأنه

حيث رأي أعظم من طوفانه



و رزؤه الجليل في الخليل

رماه للبكاء و العويل



لقد بكي الكليم حتي صعقا

كأن روحه تحاول اللقا



من رنة المسيح في السماء

أرجاؤها ترتج بالبكاء



بكاه جده النبي المجتبي

كأنه ضياء عينه خبا



بكته أعين البدور النيرة

آباؤه الغر الكرام البررة



بكاه كل ما سوي الله علي

مصابه حتي الوحوش في الفلا [1] .




پاورقي

[1] الأنوار القدسية: 102 - 96.