في علمه بمكر عدو المتوكل و اجابة دعاءه و خلاصه منه
«ثاقب المناقب» (عن أبي العباس فضل بن أحمد بن اسرائيل الكاتب) و الراوندي، و اللفظ له قال:
[ صفحه 145]
روي أبوسعيد سهل بن زياد قال: حدثنا أبوالعباس فضل بن أحمد بن اسرائيل الكاتب و نحن في داره بسر من رأي، فجري ذكر أبي الحسن عليه السلام فقال: يا سهل اني أحدثك بشي ء حدثني به أبي قال: كنا مع المعتز و كان أبي كاتبه، فدخلنا الدار و اذا المتوكل علي سريره قاعد، فسلم علي المعتز و وقف و وقفت خلفه، و كان اذا دخل عليه رجب به و أمره بالقعود، فأطال القيام و جعل يرفع رجلا و يضع أخري و هو لا يأذن له بالقعود، و نظرت الي وجهه يتغير ساعة بعد ساعة و يقبل علي الفتح بن خاقان، و يقول: هذا الذي يقول فيه ما يقول و يرد علي القول، «و الفتح» مقبل عليه يسكنه و يقول مكذوب عليه يا أمير و هو يتلظي و يقول والله لأقتلن هذا المرائي الزنديق، و هذا الذي يدعي الكذب و يطعن في دولتي، ثم قال: جئني بأربعة من الخزر الجلاف لا يفقهون.
فجي ء لهم و دفع اليهم أربعة أسياف و أمرهم أن يرطنوا بألسنتهم اذا دخل أبوالحسن عليه السلام أن يقبلوا عليه بأسيافهم فيخطبوه و هو يقول والله لأحرقت بعد القتل، و أنا منتصب قائم خلف المعتز من وراء الستر.
فما علمت الا بأبي الحسن عليه السلام قد دخل، و قد بادر الناس قدامه، و قد جاء و التفت و اذا أنا به و شفتاه يتحركان و هو غير مكترث و لا جازع فلما بصر به المتوكل وقي بنفسه عن السرير اليه و سبقه، فانكب عليه فقبل بين عينيه و يديه، و سيفه بيده و هو يقول: يا سيدي يابن رسول الله يا خير خلق الله، يابن عمي، يا مولاي يا أباالحسن.
و أبوالحسن عليه السلام يقول: أعيذك يا أمير بالله اعفني من هذا.
فقال: ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت؟
قال عليه السلام: جائني رسولك فقال: المتوكل يدعوك.
[ صفحه 146]
قال: كذب ابن الفاعلة، ارجع يا سيدي من حيث أتيت، يا فتح، يا عبدالله، يا معتز، شيعوا سيدكم و سيدي.
فلما بصروا به الخزر خروا سجدا مذعنين.
فلما خرج عليه السلام دعاهم المتوكل و قال للترجمان: أخبرني هل فعلوا؟ ثم قال لهم: لم لم تفعلوا ما أمرتكم به؟
قالوا: شدة هيبته عليه السلام، رأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأملهم، فمنعنا ذلك علي ما أمرتنا به و امتلأت قلوبنا من ذلك رعبا.
فقال المتوكل: يا فتح هذا صاحبك و ضحك في وجه الفتح، و ضحك الفتح في وجهه و قال: الحمدلله الذي بيض وجهه و أنار حجته.
(ثم قال صاحب ثاقب المناقب عقيب هذا الحديث): و لا أبعد أن يكون من أمر المتوكل نفسه من الغلمان الخزرية، و احياء أبي الحسن اياهم هؤلاء الذين خروا له سجدا في ذلك. [1] .
پاورقي
[1] مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ص 551 - 550.
و كشف الغمة للاربلي ج 3 ص 190 - 189.