بازگشت

رسالة غير مقروءة الي المدينة


و في الخرايج: روي عن أحمد بن هارون، قال: كنت جالسا اعلم غلاما من غلمانه في فازة داره اذ دخل علينا أبوالحسن عليه السلام راكبا علي فرس له، فقمنا اليه



[ صفحه 158]



فسبقنا فنزل قبل أن ندنو منه، فأخذ عنان فرسه بيده فعلقه في طنب من أطناب الفازة، ثم دخل فجلس معنا، فأقبل علي و قال: متي رأيك أن تنصرف الي المدينة؟

فقلت: الليلة.

قال: فأكتب اذا كتابا معك توصله الي فلان التاجر. قلت: نعم.

قال يا غلام هات الدوات و القرطاس، فخرج الغلام ليأتي بهما من دار اخري.

فلما غاب الغلام صهل الفرس و ضرب بذنبه، فقال له بالفارسية ما هذا الغلق؟

فصهل الثانية، فضرب بيده، فقال له بالفارسية: اقلع فامض الي ناحية البستان و بل هناك ورث و ارجع فقف هناك مكانك، فرفع الفرس رأسه و أخرج العنان من موضعه، ثم مضي الي ناحية البستان حتي لا نراه في ظهر الفازه فبال وراث و عاد الي مكانه.

فدخلني من ذلك ما الله به عليم، فوسوس الشيطان في قلبي فقال: يا أحمد لا يعظم عليك ما رأيت ان ما أعطي الله محمدا و آل محمد أكثر مما أعطي داود و آل داود.

قلت: صدق ابن رسول الله صلي الله عليه و آله. فما قال لك؟ و ما قلت له فقد فهمته.

فقال: قال لي الفرس: قم فاركب الي البيت حتي تفرغ عني.

قلت: ما هذا الغلق؟

قال: قد تعبت. قلت لي حاجة اريد أن أكتب كتابا الي المدينة فاذا فرغت ركبتك.

قال: اني اريد أن أروث و أبول و أكره أن أفعل ذلك بين يديك. فقلت أذهب ناحية البستان، فافعل ما أردت، ثم عد الي مكانك ففعل الذي رأيت.

ثم أقبل الغلام بالدوات و القرطاس، و قد غابت الشمس، فوضعها بين يديه



[ صفحه 159]



فأخذ في الكتابة حتي أظلم الليل فيما بيني و بينه، فلم أر الكتاب، و ظننت أنه أصابه الذي أصابني، فقلت للغلام قم فهات شمعة من الدار حتي يبصر مولاك كيف يكتب، فمضي. فقال للغلام: ليس الي ذلك حاجة. ثم كتب كتابا طويلا الي أن غاب الشفق، ثم قطعه، فقال للغلام: أصلح و أخذ الغلام الكتاب، و خرج الي الفازه ليصلحه، ثم عاد و ناوله ليختمه فختمه من غير أن ينظر الخاتم مقلوبا أو غير مقلوب، فناولني، فقمت لأذهب فعرض في قلبي قبل أن أخرج من الفازة، اصلي قبل أن آتي المدينة. قال يا أحمد صل المغرب و العشاء الآخرة في مسجد الرسول صلي الله عليه و آله و اطلب الرجل في الروضة فانك توافقه ان شاء الله.

قال: فخرجت مبادرا فأتيت المسجد و قد نودي العشاء الآخرة، فصليت المغرب، ثم صليت معهم العتمة، و طلبت الرجل حيث أمرني، فوجدته، فأعطيته الكتاب و أخذه و فضه ليقرأه، فلم يستبن قراءته في ذلك الوقت، فدعا بسراج فأخذته و قرأته عليه في السراج في المسجد، فاذا خط مستوليس حرف ملتصقا بحرف، اذا الخاتم مستوليس بمقلوب، فقال لي الرجل: عد الي غدا حتي أكتب جواب الكتاب، فغدوت فكتب الجواب فجئت به اليه، فقال: أليس قد وجدت الرجل حيث قلت لك؟ فقلت نعم، قال: أحسنت. [1] .


پاورقي

[1] الخرايج و الجرايح، ج 1، ص 410، بحار الأنوار، ج 50، ص 153.