بازگشت

الضغط و الاضطهاد


كان المتوكل شديد الوطأة علي آل أبي طالب، غليظا علي جماعتهم مهتما بأمورهم، شديد الغيظ و الحقد عليهم، و سوء الظن و التهمة لهم، و اتفق له أن عبيدالله بن يحيي بن خاقان وزيره يسي ء الرأي فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم مالم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، و كان من ذلك أن كرب قبر الحسين و عفي آثاره، و وضع علي سائر الطرق مسالح له، لا يجدون



[ صفحه 176]



أحدا زاره الا أتوه به فقتله أو أنهكه عقوبة. [1] .

قال أبوالفرج: كان السبب في كرب قبر الحسين أن بعض المغنيات كانت تبعث بجواريها اليه قبل الخلافة يغنين له اذا شرب، فلما وليها بعث الي تلك المغنية فعرف أنها غائبة و كانت قد زارت قبر الحسين، و بلغها خبره، فأسرعت الرجوع، بعثت اليه بجارية من جواريها كان يألفها فقال لها: أين كنتم؟

قالت: خرجت مولاتي الي الحج و أخرجتنا معها، و كان ذلك في شعبان، فقال الي أين حججتم في شعبان؟ قالت الي قبر الحسين.

فاستطير غضبا و أمر بمولاتها فحبست و استصفي أملاكها، و بعث برجل من أصحابه يقال له الديزج و كان يهوديا فأسلم، الي قبر الحسين و أمر بكرب قبره و محوه و اخراب كل ما حوله، فمضي لذلك و خرب ما حوله و هدم البناء و كرب ما حوله نحو مائتي جريب، فلما بلغ الي قبره لم يتقدم اليه أحد، فأحضر قوما من اليهود فكربوه، و أجري الماء حوله و وكل به مسالح بين كل مسلحتين ميل لا يزوره زائر الا أخذوه و وجهوا به اليه. [2] .

قال الطبري: و فيها - اي في سنة 236 - أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي، و هدم ما حوله من المنازل و الدور و أن يحرث و يبذر و يسقي موضع قبره و أن يمنع الناس من اتيانه، فذكر أن عامل صاحب الشرطة نادي في الناحية: من وجدناه عند قبره بعد ثلاثه بعثنا به الي المطبق، فهرب الناس و امتنعوا من المصير اليه و حرث ذلك الموضع و زرع ما حو اليه. [3] .

و حدثنا الأصبهاني عن محمد بن الحسين الأشناني قال: بعد عهدي بالزيارة



[ صفحه 177]



في تلك الأيام خوفا، ثم عملت علي المخاطرة بنفسي فيها و ساعدني رجل من العطارين علي ذلك، فخرجنا زائرين نكمن النهار و نسير الليل. حتي أتينا نواحي الغاضرية، و خرجنا منها نصف الليل فسرنا بين مسلحتين و قد ناموا حتي أتينا القبر فخفي علينا، فجعلنا نشمه و نتحري جهته حتي أتيناه و قد قلع الصندوق الذي كان حو اليه و أحرق، و أجري الماء عليه فانخسف موضع اللبن و صار كالخندق.

فزرناه و أكببنا عليه فشممنا منه رائحة ما شممت مثلها قط كشئ من الطيب، فقلت للعطار الذي كان معي: أي رائحة هذه؟ فقال: لا و الله ما شممت مثلها كشئ من العطر، فود عناه و جعلنا حول القبر علامات في عدة مواضع، فلما قتل المتوكل اجتمعنا مع جماعة من الطالبيين و الشيعة حتي صرنا الي القبر فأخرجنا تلك العلامات و أعدناه الي ما كان عليه. [4] .


پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين، ص 478.

[2] مقاتل الطالبيين، ص 478.

[3] تاريخ الطبري، ج 5، ص 312.

[4] مقاتل الطالبيين، ص 479.