بازگشت

زيارته يوم الغدير


1 - العلّامة المجلسيّ(رحمه الله): قال المفيد(رحمه الله): روي عن أبي محمّد الحسن ابن العسكريّ، عن أبيه صلوات الله عليهما وذكر أنّه(عليه السلام) زار بها في يوم الغدير في السنة التي أشخصه المعتصم، فإذا أردت ذلك فقف علي باب القبّة الشريفة، واستأذن وادخل مقدّماً رجلك اليمني علي اليسري، وامش حتّي تقف علي الضريح واستقبله واجعل القبلة بين كتفيك وقل:

«السلام علي محمّد رسول الله خاتم النبيّين، وسيّد المرسلين، وصفوة ربّ العالمين، أمين الله علي وحيه وعزائم أمره، والخاتم لما سبق، والفاتح لما استقبل، والمهيمن علي ذلك كلّه، ورحمة الله وبركاته وصلواته وتحيّاته، والسلام علي أنبياء الله ورسله، وملائكته المقرّبين، وعباده الصالحين.

السلام عليك يا أمير المؤمنين، وسيّد الوصيّين، ووارث علم النبيّين، ووليّ ربّ العالمين، ومولاي ومولي المؤمنين، ورحمة الله وبركاته.

السلام عليك يا مولاي يا أمير المؤمنين، يا أمين الله في أرضه،وسفيره في خلقه، وحجّته البالغة علي عباده، السلام عليك



[ صفحه 316]



يادين الله القويم، وصراطه المستقيم.

السلام عليك أيّها النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون، وعنه يسألون، السلام عليك يا أمير المومنين،آمنت بالله وهم مشركون، وصدّقت بالحقّ وهم مكذّبون، وجاهدت وهم محجمون، وعبدت الله مخلصاً له الدين صابراً محتسباً حتّي أتاك اليقين، ألا لعنة الله علي الظالمين.

السلام عليك يا سيّد المسلمين، ويعسوب المؤمنين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين، ورحمة الله وبركاته، أشهد أنّك أخو رسول الله، ووصيّه ووارث علمه، وأمينه علي شرعه، وخليفته في أُمّته، وأوّل من آمن بالله، وصدّق بما أنزل علي نبيّه، وأشهد أنّه قد بلّغ عن الله ما أنزله فيك، فصدع [1] بأمره، وأوجب علي أُمّته فرض طاعتك وولايتك، وعقد عليهم البيعة لك، وجعلك أولي بالمؤمنين من أنفسهم كما جعله الله كذلك، ثمّ أشهد الله تعالي عليهم، فقال: ألست قد بلّغت؟ فقالوا: اللهمّ! بلي! فقال: اللهمّ! اشهد وكفي بك شهيداً وحاكماً بين العباد، فلعن الله جاحد ولايتك بعد الإقرار، وناكث عهدك بعد الميثاق، وأشهد أنّك وفيت بعهد الله تعالي، وأّن الله تعالي موف لك بعهده (وَمَنْ أَوْفَي بِمَا عَهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًإ؛تپ ف ُّ عَظِيمًا) [2] ، وأشهد أنّك أمير المؤمنين الحقّ الذي نطق بولايتك التنزيل، وأخذ لك العهد علي الأُمّة بذلك الرسول، وأشهد أنّك وعمّك وأخاك الذين تاجرتم الله بنفوسكم، فأنزل الله فيكم (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ



[ صفحه 317]



فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَلةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَي بِعَهْدِهِ ي مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ي وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ - التَّل-ِبُونَ الْعَبِدُونَ الْحَمِدُونَ السَّل-ِحُونَ الرَّكِعُونَ السَّجِدُونَ الْأَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَفِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ). [3] .

أشهد يا أمير المؤمنين أنّ الشاكّ فيك ما آمن بالرسول الأمين، وأنّ العادل بك غيرك عاند عن الدين القويم الذي ارتضاه لنا ربّ العالمين، وأكمله بولايتك يوم الغدير، وأشهد أنّك المعنيّ بقول العزيز الرحيم: (وَأَنَّ هَذَا صِرَطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَاتَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ي) [4] ضلّ والله وأضلّ من اتّبع سواك، وعند عن الحقّ من عاداك.

اللهمّ! سمعنا لأمرك، وأطعنا واتّبعنا صراطك المستقيم، فاهدنا ربّنا ولاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا إلي طاعتك، واجعلنا من الشاكرين لأنعمك، وأشهد أنّك لم تزل للهوي مخالفاً، وللتقي محالفاً، وعلي كظم الغيظ قادراً، و عن الناس عافياً غافراً، وإذا عصي الله ساخطاً، وإذا أُطيع الله راضياً، وبما عهد إليك عاملاً، راعياً لما استحفظت، حافظاً لما استودعت، مبلّغاً ما حمّلت، منتظراً ما وعدت، وأشهد أنّك ما اتّقيت ضارعاً، ولا أمسكت عن حقّك جازعاً، ولا أحجمت عن مجاهدة عاصيك ناكلاً، ولا أظهرت الرضا بخلاف ما يرضي الله مداهناً، ولا وهنت لما أصابك في سبيل الله، ولاضعفت ولا استكنت عن طلب حقّك، مراقباً معاذ الله أن تكون كذلك، بل إذ ظلمت احتسبت ربّك، وفوّضت إليه أمرك، وذكّرتهم فما ادّكروا،



[ صفحه 318]



ووعظتهم فما اتّعظوا، وخوّفتهم الله فما تخوّفوا، وأشهد أنّك ياأميرالمؤمنين جاهدت في الله حقّ جهاده، حتّي دعاك الله إلي جواره، وقبضك إليه بإختياره، وألزم أعداءك الحجّة بقتلهم إيّاك، لتكون الحجّة لك عليهم مع مالك من الحجج البالغة علي جميع خلقه.

السلام عليك يا أمير المؤمنين عبدت الله مخلصاً، وجاهدت في الله صابراً، وجدت بنفسك محتسباً، وعملت بكتابه، واتّبعت سنّة نبيّه، وأقمت الصلاة وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر ما استطعت، مبتغياً ما عند الله، راغباً فيما وعد الله، لا تحفل بالنوائب، ولا تهن عند الشدائد، ولا تحجم عن محارب، أفك من نسب غير ذلك إليك، وافتري باطلاً عليك، وأولي لمن عند عنك، لقد جاهدت في الله حقّ الجهاد، وصبرت علي الأذي صبر احتساب، وأنت أوّل من آمن بالله، وصلّي له وجاهد، وأبدي صفحته [5] في دار الشرك، والأرض مشحونة ضلالة، والشيطان يعبد جهرة، وأنت القائل: لا تزيدني كثرة الناس حولي عزّة، ولاتفرّقهم عنّي وحشة، ولو أسلمني الناس جميعاً لم أكن متضرّعاً، اعتصمت بالله فعززت، وآثرت الآخرة علي الأُولي فزهدت، وأيّدك الله وهداك، وأخلصك واجتباك، فما تناقضت أفعالك، ولا اختلفت أقوالك، ولاتقلّبت أحوالك، ولا ادّعيت ولا افتريت علي الله كذباً، ولا شرهت [6] إلي الحطام، ولادنّسك الآثام، ولم تزل علي بيّنة من ربّك ويقين من أمرك، تهدي إلي الحقّ وإلي طريق مستقيم، أشهد شهادة حقّ وأُقسم بالله قسم



[ صفحه 319]



صدق أنّ محمّداً و آله صلوات الله عليهم سادات الخلق، وأنّك مولاي ومولي المؤمنين، وأنّك عبد الله ووليّه وأخو الرسول ووصيّه ووارثه، وأنّه القائل لك: والذي بعثني بالحقّ ما آمن بي من كفر بك، ولا أقرّ بالله من جحدك، وقد ضلّ من صدّ عنك، ولم يهتد إلي الله ولا إليّ من لايهتدي بك، وهو قول ربّي عزّ وجلّ: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَلِحًا ثُمَّ اهْتَدَي) [7] .

إلي ولايتك، مولاي فضلك لا يخفي، ونورك لا يطفي، وأنّ من جحدك الظلوم الأشقي، مولاي أنت الحجّة علي العباد، والهادي إلي الرشاد، والعدّة للمعاد، مولاي لقد رفع الله في الأُولي منزلتك، وأعلي في الآخرة درجتك، وبصرّك ما عمي علي من خالفك، وحال بينك وبين مواهب الله لك، فلعن الله مستحلّي الحرمة منك، وذائد الحقّ عنك، وأشهد أنّهم الأخسرون الذين تلفح [8] وجوههم النار وهم فيها كالحون [9] وأشهد أنّك ما أقدمت ولا أحجمت ولا نطقت (الكالح: الذي قد انكشفت شفته عن أسنانه، يقال: ولاأمسكت إلّا بأمر من الله ورسوله، قلت: والذي نفسي بيده لقد نظر إليّ رسول الله صلّي الله عليه وآله أضرب بالسيف قدماً، فقال: يا عليّ! أنت منّي بمنزلة هارون من موسي إلّا أنّه لا نبيّ بعدي، وأُعلمك أنّ موتك وحياتك معي وعلي سنّتي، فو الله! ما كذبت ولا كُذّبت، ولا ضللت ولا ضلّ بي، ولا نسيت ما عهد إليّ ربّي، وإنّي لعلي بيّنة من ربّي بيّنها لنبيّه، وبيّنها النبيّ لي، وإنّي لعلي الطريق الواضح، ألفظه لفظاً.



[ صفحه 320]



صدقت والله وقلت الحقّ، فلعن الله من ساواك بمن ناواك، والله جلّ اسمه يقول: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَايَعْلَمُونَ) [10] فلعن الله من عدل بك، مَن فرض الله عليه ولايتك، وأنت وليّ الله و أخو رسوله، والذابّ عن دينه، والذي نطق القرآن بتفضيله قال الله تعالي: (وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَهِدِينَ عَلَي الْقَعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا - دَرَجَتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [11] وقال الله تعالي: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَآجِ ّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَْخِرِ وَجَهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَايَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَايَهْدِي الْقَوْمَ الظَّلِمِينَ - الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَلِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَل-ِكَ هُمُ الْفَآلِزُونَ - يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَنٍ وَجَنَّتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ - خَلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ و أَجْرٌ عَظِيمٌ). [12] .

أشهد أنّك المخصوص بمدحة الله، المخلص لطاعة الله، لم تبغ بالهدي بدلاً، ولم تشرك بعبادة ربّك أحداً، وأنّ الله تعالي استجاب لنبيّه صلّي الله عليه وآله فيك دعوته، ثمّ أمره باظهار ما أولاك لأُمّته إعلاءً لشأنك، وإعلاناً لبرهانك، ودحضاً للأباطيل، وقطعاً للمعاذير، فلمّا أشفق من فتنة الفاسقين واتّقي فيك المنافقين، أوحي إليه ربّ العالمين: (يَأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ و وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ). [13] .



[ صفحه 321]



فوضع علي نفسه أوزار المسير، ونهض في رمضاء [14] الهجير، [15] فخطب فأسمع ونادي فأبلغ ثمّ سألهم أجمع، فقال: هل بلّغت؟

فقالوا: اللهمّ! بلي! فقال: اللهمّ! اشهد، ثمّ قال: ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: بلي! فأخذ بيدك، وقال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، فما آمن بما أنزل الله فيك علي نبيّه إلّإ؛ثت ف قليل، ولا زاد أكثرهم غير تخسير، ولقد أنزل الله تعالي فيك من قبل وهم كارهون (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ ي فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ و أَذِلَّةٍ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَي الْكَفِرِينَ يُجَهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَايَخَافُونَ لَوْمَةَ لَآلِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللَّهُ وَسِعٌ عَلِيمٌ - إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَكِعُونَ - وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ و وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَلِبُونَ) [16] ، (رَبَّنَآ ءَامَنَّا بِمَآ أَنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّهِدِينَ) [17] ، (رَبَّنَا لَاتُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ). [18] .

اللهمّ! إنّا نعلم أنّ هذا هو الحقّ من عندك، فالعن من عارضه واستكبر



[ صفحه 322]



وكذّب به وكفر، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ). [19] .

السلام عليك يا أمير المؤمنين، وسيّد الوصيّين، وأوّل العابدين، وأزهد الزاهدين، ورحمة الله وبركاته وصلواته وتحيّاته.

أنت مطعم الطعام علي حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً لوجه الله، لا تريد منهم جزاء ولا شكوراً، وفيك أنزل الله تعالي: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ي فَأُوْلَل-ِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [20] ، وأنت الكاظم للغيظ، والعافي عن الناس، والله يحبّ المحسنين، وأنت الصابر في البأسآء والضرّاء وحين البأس، وأنت القاسم بالسويّة، والعادل في الرعيّة، والعالم بحدود الله من جميع البريّة، والله تعالي أخبر عمّا أولاك من فضله بقوله: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّايَسْتَوُونَ - أَمَّا الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ فَلَهُمْ جَنَّتُ الْمَأْوَي نُزُلَام بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [21] ، وأنت المخصوص بعلم التنزيل، وحكم التأويل، ونصّ الرسول، ولك المواقف المشهودة والمقامات المشهورة والأيّام المذكورة، يوم بدر ويوم الأحزاب (إِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَرُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا - هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالًا شَدِيدًا - وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَفِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ و إِلَّا غُرُورًا - وَإِذْ قَالَت طَّآلِفَةٌ مِّنْهُمْ يَأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُواْ وَيَسْتَْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا) [22] وقال الله تعالي: (وَلَمَّا رَءَا الْمُؤْمِنُونَ



[ صفحه 323]



الْأَحْزَابَ قَالُواْ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ و وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ و وَمَا زَادَهُمْ إِلَّآ إِيمَنًا وَتَسْلِيمًا) [23] ، فقتلت عمروهم، وهزمت جمعهم؛ (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْرًا وَكَفَي اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا). [24] .

ويوم أُحد إذ يصعدون ولا يلون علي أحد والرسول يدعوهم في أُخراهم وأنت تذود [25] بهم المشركين عن النبيّ ذات اليمين وذات الشمال حتّي ردّهم الله عنكما خائفين، ونصر بك الخاذلين. ويوم حنين علي ما نطق به التنزيل: (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيًْا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَْرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ - ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ و عَلَي رَسُولِهِ ي وَعَلَي الْمُؤْمِنِينَ) [26] والمؤمنون أنت ومن يليك وعمّك العبّاس ينادي المنهزمين: يا أصحاب سورة البقرة، يا أهل بيعة الشجرة حتّي استجاب له قوم قد كفيتهم المؤونة، وتكفّلت دونهم المعونة، فعادوا آيسين من المثوبة، راجين وعد الله تعالي بالتوبة، وذلك قول الله جلّ ذكره: (ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِن م بَعْدِ ذَلِكَ عَلَي مَن يَشَآءُ) [27] وأنت حائز درجة الصبر، فائز بعظيم الأجر، ويوم خيبر إذ أظهر الله خور المنافقين، وقطع دابر الكافرين، والحمد لله ربّ العالمين؛ (وَلَقَدْ كَانُواْ عَهَدُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ لَايُوَلُّونَ الْأَدْبَرَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسُْولًا). [28] .



[ صفحه 324]



مولاي! أنت الحجّة البالغة، والمحجّة الواضحة، والنعمة السابغة، والبرهان المنير، فهنيئاً لك بما آتاك الله من فضل وتبّاً لشانئك ذي الجهل، شهدت مع النبيّ صلّي الله عليه وآله جميع حروبه ومغازيه تحمل الراية أمامه، وتضرب بالسيف قدّامه، ثمّ لحزمك المشهور وبصيرتك في الأُمور، أمّرك في المواطن ولم تكن عليك أمير، وكم من أمر صدّك عن إمضاء عزمك فيه التقي، واتّبع غيرك في مثله الهوي، فظنّ الجاهلون أنّك عجزت عمّا إليه انتهي، ضلّ والله الظانّ لذلك وما اهتدي، ولقد أوضحت ما أشكل من ذلك لمن توهّم وامتري [29] بقولك صلّي الله عليك: قد يري الحوّل القلّب وجه الحيلة، ودونها حاجز من تقوي الله، فيدعها رأي العين، وينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين؛ صدقت وخسر المبطلون وإذ ماكرك الناكثان فقالا: نريد العمرة، فقلت لهما: لعمر كما ما تريدان العمرة ولكن تريدان الغدرة، فأخذت البيعة عليهما، وجدّدت الميثاق فجدّا في النفاق، فلمّا نبّهتهما علي فعلهما أغفلا وعادا وماانتفعا وكان عاقبة أمرهما خسراً، ثمّ تلاهما أهل الشام، فسرت إليهم بعد الإعذار وهم لا يدينون دين الحقّ، ولا يتدبّرون القرآن، همج رعاع ضالّون، وبالذي أُنزل علي محمّد فيك كافرون، ولأهل الخلاف عليك ناصرون، وقد أمر الله تعالي باتّباعك وندب المؤمنين إلي نصرك، وقال عزّ وجلّ: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّدِقِينَ) [30] مولاي بك ظهر الحقّ وقد نبذه الخلق، وأوضحت السنن بعد الدروس والطمس، فلك سابقة الجهاد علي تصديق



[ صفحه 325]



التنزيل، ولك فضيلة الجهاد علي تحقيق التأويل، وعدوّك عدوّ الله، جاحد لرسول الله، يدعو باطلاً ويحكم جائراً، ويتأمّر غاصباً ويدعو حزبه إلي النار، وعمّار يجاهد وينادي بين الصفّين: الرواح [31] ، الرواح إلي الجنّة، ولمّا استسقي فسقي اللبن كبّر وقال:قال لي رسول الله صلّي الله عليه وآله: آخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن، وتقتلك الفئة الباغية، فاعترضه أبوالعادية الفزاري فقتله، فعلي أبي العادية لعنة الله، ولعنة ملائكته ورسله أجمعين، وعلي من سلّ سيفه عليك، وسللت سيفك عليه ياأميرالمؤمنين من المشركين والمنافقين إلي يوم الدين، وعلي من رضي بما ساءك ولم يكرهه، وأغمض عينه ولم ينكر، أو أعان عليك بيد، أو لسان، أو قعد عن نصرك، أو خذل عن الجهاد معك، أو غمط [32] فضلك وجحد حقّك، أو عدل بك من جعلك الله أولي به من نفسه، وصلوات الله عليك ورحمة الله وبركاته وسلامه وتحيّاته، وعلي الأئمّة من آلك الطاهرين إنّه حميد مجيد.

والأمر الأعجب، والخطب الأفظع بعد جحدك حقّك، غصب الصديقة الطاهرة الزهراء سيّدة النساء فدكاً، وردّ شهادتك وشهادة السيّدين سلالتك وعترة المصطفي صلّي الله عليكم، وقد أعلي الله تعالي علي الأُمّة درجتكم، ورفع منزلتكم، وأبان فضلكم، وشرّفكم علي العالمين، فأذهب عنكم الرجس وطهّركم تطهيراً؛ قال الله عزّ وجلّ: (إِنَّ الْإِنسَنَ خُلِقَ



[ صفحه 326]



هَلُوعًا - إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا - وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا - إِلَّا الْمُصَلِّينَ). [33] .

فاستثني الله تعالي نبيّه المصطفي وأنت يا سيّد الأوصياء من جميع الخلق، فما أعمه من ظلمك عن الحقّ، ثمّ أقرضوك سهم ذوي القربي مكراً، أو حادوه عن أهله جوراً، فلمّا آل الأمر إليك أجريتهم علي ما أجريا رغبة عنهما بما عند الله لك، فأشبهت محنتك بهما محن الأنبياء عند الوحدة، وعدم الأنصار، وأشبهت في البيات علي الفراش الذبيح عليه السلام إذ أجبت كما أجاب، وأطعت كما أطاع إسماعيل صابراً محتسباً، إذ قال له: (يَبُنَيَّ إِنِّي أَرَي فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَي قَالَ يَأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَآءَ اللَّهُ مِنَ الصَّبِرِينَ) [34] ، وكذلك أنت لمّا أباتك النبيّ صلّي الله عليه وآله وأمرك أن تضجع في مرقده واقياً له بنفسك، أسرعت إلي إجابته مطيعاً، ولنفسك علي القتل موطّناً، فشكر الله تعالي طاعتك، وأبان عن جميل فعلك بقوله جلّ ذكره: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ) [35] ، ثمّ محنتك يوم صفّين وقد رفعت المصاحف حيلة ومكراً فأعرض الشكّ، وعرف الحقّ، واتّبع الظنّ، أشبهت محنة هارون إذ أمّره موسي علي قومه فتفرّقوا عنه، وهارون ينادي بهم ويقول: (يَقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ي وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُواْ أَمْرِي - قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَكِفِينَ حَتَّي يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَي) [36] ، وكذلك أنت لمّا رفعت المصاحف قلت: يا قوم! إنّما فتنتم بها وخدعتم، فعصوك وخالفوا عليك واستدعوا نصب الحكمين،



[ صفحه 327]



فأبيت عليهم وتبرّأت إلي الله من فعلهم وفوّضته إليهم، فلمّا أسفر الحقّ وسفه المنكر، واعترفوا بالزلل والجور عن القصد، واختلفوا من بعده، وألزموك علي سفه التحكيم الذي أبيته، وأحبّوه و حظرته وأباحوا ذنبهم الذي اقترفوه، وأنت علي نهج بصيرة وهدي، وهم علي سنن ضلالة وعمي، فما زالوا علي النفاق مصرّين، وفي الغيّ متردّدين حتّي أذاقهم الله وبال أمرهم فأمات بسيفك، من عاندك فشقي وهوي، وأحيا بحجّتك من سعد فهدي، صلوات الله عليك غادية ورائحة وعاكفة وذاهبة، فما يحيط المادح وصفك، ولا يحبط الطاعن فضلك، أنت أحسن الخلق عبادة، وأخلصهم زهادة، وأذبّهم عن الدين، أقمت حدود الله بجهدك، وفللت عساكر المارقين بسيفك، تخمد لهب الحروب ببنانك، وتهتك ستور الشبه ببيانك، وتكشف لبس الباطل عن صريح الحقّ، لا تأخذك في الله لومةُ لائم، وفي مدح الله تعالي لك غني عن مدح المادحين، وتقريظ الواصفين قال الله تعالي: (مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَي نَحْبَهُ و وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً) [37] ولمّا رأيت أن قتلت الناكثين والقاسطين والمارقين، وصدّقك رسول الله صلّي الله عليه وآله وعده فأوفيت بعهده، قلت: أما آن أن تخضب هذه من هذه؟ أم متي يبعث أشقاها؟ واثقاً بأنّك علي بيّنة من ربّك وبصيرة من أمرك، قادم علي الله، مستبشر ببيعك الذي بايعته به، وذلك هو الفوز العظيم. اللهمّ! العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك، بجميع لعناتك وأصلهم حرّ نارك، والعن من غصب وليّك حقّه، وأنكر عهده، وجحده بعد اليقين، والإقرار بالولاية له



[ صفحه 328]



يوم أكملت له الدين. اللهمّ! العن قتلة أمير المؤمنين ومن ظلمه وأشياعهم وأنصارهم، اللهمّ العن ظالمي الحسين وقاتليه، والمتابعين عدوّه وناصريه، والراضين بقتله وخاذليه لعناً وبيلا. اللهمّ! العن أوّل ظالم ظلم آل محمّد ومانعيهم حقوقهم، اللهمّ خصّ أوّل ظالم وغاصب لآل محمّد باللعن وكلّ مستنّ بما سنّ إلي يوم القيامة. اللهمّ! صلّ علي محمّد وآل محمّد خاتم النبيّين وعلي عليّ سيّد الوصيّين وآله الطاهرين واجعلنا بهم متمسّكين، وبولايتهم من الفائزين الآمنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون». [38] .



[ صفحه 329]




پاورقي

[1] صدعت الشي ء: بيّنته وأظهرته. مجمع البحرين: 4 / 358، (صدع).

[2] الفتح: 48 / 10.

[3] التوبة: 9 / 111 - 112.

[4] الأنعام: 6 / 153.

[5] صفحة الرجل: عرض صدره، يقال: (أبدي له صفحته) أي كاشفه. المنجد: 427 (صفح).

[6] شره: كفرح غلب حرصه، قاموس المحيط: 4 / 410 (شره).

[7] طه: 20 / 82.

[8] لفحه كمنعه ضربه والنار بحرّها: أحرقت، قاموس المحيط: 1 / 491 (لفحه).

[9] دهرٌ أو شقاءٌ كالح، أي شديد ضيّق). المنجد: 694 (كلح).

[10] الزمر: 39 / 9.

[11] النساء: 4 / 95 - 96.

[12] التوبة: 9 / 19 - 22.

[13] المائدة: 5 / 67.

[14] الرمض محرّكة: شدّة وقع الشمس علي الرمل، القاموس المحيط: 2 / 490 (الرمض).

[15] الهاجرة: نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو من عند زوالها إلي العصر، القاموس المحيط: 2 / 223 (هجره).

[16] المائدة: 5 / 54 - 56.

[17] آل عمران: 3 / 53.

[18] آل عمران: 3 / 8.

[19] الشعراء: 26 / 227.

[20] الحشر: 59 / 9.

[21] السجدة: 32 / 18 - 19.

[22] الأحزاب: 33 / 10 - 13.

[23] الأحزاب: 33 / 22.

[24] الأحزاب: 33 / 25.

[25] الذود: السوق والطرد والدفع، القاموس المحيط: 1 / 568 (الذود).

[26] التوبة: 9 / 25 - 26.

[27] التوبة: 9 / 27.

[28] الأحزاب: 33 / 15.

[29] امتري فيه وتماري: شكّ، القاموس المحيط: 4 / 565 (مري).

[30] التوبة: 9 / 119.

[31] راح، رواحاً: جاء أو ذهب في الرواح أي العشيّ. المنجد: 285 (راح).

[32] غمط الحقّ: جحده. المنجد: 560 (غمط).

[33] المعارج: 70 / 20.

[34] الصافّات: 37 / 102.

[35] البقرة: 2 / 207.

[36] طه: 20 / 90 - 91.

[37] الأحزاب: 33 / 23.

[38] البحار: 97 / 359، ح 6. مقدّمة البرهان: 179، س 6، قطعة منه. فرحة الغريّ: 136، ح 78، أشار إلي مضمونه. قطعة منه في (يمينه(عليه السلام)) و(أحواله(عليه السلام) مع المعتصم) و(إنّ محمّداً(صلي الله عليه وآله) سيّد الخلق) و(إنّ آل محمّد(عليهم السلام) سادات الخلق) و(إعلاء درجة الأئمّة(عليهم السلام) علي الأُمّة) و(إنّ عليّاً(عليه السلام) كاشف لبس الباطل عن الحقّ) و(مشابهة مِحَن عليّ(عليه السلام) بمحن الأنبياء(عليهم السلام)) و(إنّ عليّاً(عليه السلام) أوّل من آمن بالله عزّ وجلّ وصلّي له) و(منزلة عليّ(عليه السلام) يوم أُحد وحنين وخيبر) و(إنّ عليّاً(عليه السلام) الحجّة البالغة والنعمة السابقة) و(إنّ عدّو عليّ(عليه السلام) عدوّ الله) (غصب فدك الزهراء(عليها السلام)) و(حكم اليمين بالله) و(الآيات والسور التي قرأها(عليه السلام) في الزيارات) و(دعاؤه(عليه السلام) علي من جحد ولاية عليّ(عليه السلام)) و(دعاؤه(عليه السلام) علي قتلة الأنبياء والأوصياء من آل محمّد(عليهم السلام) وغاصبي حقوقهم) و(دعاؤه(عليه السلام) علي أبي العادية وغيره من مخالفي عليّ(عليه السلام)) (دعاؤه(عليه السلام) علي مستحلّي حرمة عليّ(عليه السلام)) (دعاؤه(عليه السلام) علي من عدل عن عليّ(عليه السلام)) و(ما رواه عن رسول الله(صلي الله عليه وآله)) و(ما رواه عن عليّ(عليه السلام)) و(ذمّ أبي العادية قاتل عمّار).