بازگشت

الطب


وفيه ثلاثة موضوعات

«وإذا مرضت فهو يشفين» [1] .

حقّاً ما قاله الإمام علي(عليه السلام) في وصفه لهذه الدنيا: «دار بالبلاء، محفوفة وبالغدر معروفة، لاتدوم أحوالها ولايسلم نزّالها، أحوال مختلفة...». [2] .

وهكذا الإنسان في دنياه هذه تراه يوماً عزيزاً قويّاً، ويوماً ذليلاً ضعيفاً، وتراه يوماً وقد ساءت صحّته، واضطربت أحواله، بعد أن غدرته الدنيا، وصيّره الزمن مريضاً بعد صحّة، وسقيماً بعد اعتدال، فهو في دنياه بين صفاء وكدر.

ولهذا راح يبحث عن وسائل تنقذه من فاقة حلّت به، ومن مرض ألمّ به، ومن داء أصابه، ولتشخيص مشاكله وعلله وأمراضه، ودفع أسقامه ورفع آلامه، وحفظ حياته، فكان الطبّ بكلّ علومه وصنوفه من أهمّ ما توصل إليه، وجناه في كدحه المتواصل، وبحثه الدؤوب، ولكن ومع وجود الطبّ



[ صفحه 62]



الذي راح ينمو بنموّ ذهن الإنسان، ويتطوّر بتطوّر قدراته وملكاته، حتّي بلغ مرحلة عظيمة، هذه التي نعيشها اليوم، وقد يتجاوزها مستقبلاً إلي ماهو أكثر رُقيّاً، فإنّ الإنسان لايستغني عن الغيب بالدواء وحده أبداً، بل يتّخذ من الدواء، بل ومن الطبّ كلّه وسيلة للشفاء، الذي يبقي بيد الله تعالي، الذي يفتقر الإنسان في نشأته وبقائه إليه، وهو أمر لاريب فيه.

ولهذا تري المؤمن دائماً يذكر الله سبحانه، ويشتدّ ذكره له، وتوسّله به، إذا ما أُصيب بشي ء مكروه كالمرض مثلاً فهو ينتظر من الله الشفاء لا من غيره، لأنه هو الطبيب، فقد ورد عن النبيّ(صلي الله وآله وسلم) أنّه قال: «يا عباد الله! أنتم كالمرضي والله ربّ العالمين كالطبيب» [3] ، ولهذا وردت أدعية خاصّة وأذكار معيّنة، عن النبيّ(صلي الله وآله وسلم) وأهل بيته(عليهم السلام)، إذا ما التزمها المريض فإنّها ستترك آثارها الوضعيّة والنفسيّة عليه، إضافة إلي الأجر المترتّب عليها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخري: فإنّ للنبات - الذي عرفه الإنسان قوام الغذاء والدواء، فاشتدّت عنايته به، واستفادته منه لمداواة أسقامه وحفظ كيانه - فوائد جمّة، حتّي غدا كثير من الأطبّاء وأصحاب الخُبرة يحثّون مرضاهم، ويوصونهم باستعمال العقاقير المتّخذة من النباتات، ولهذه الفوائد راح رسول الله(صلي الله وآله وسلم) والأئمّة يوصون بالاستفادة من بعض النباتات لعلاج أمراض معيّنة؛ حتّي وردت عن الإمام الرضا(عليه السلام)، رسالة مستقلّة بعثها للمأمون، سمّيت بالرسالة الذهبيّة، تحمل إرشادات ووصايإ؛أاُّ ض بهذا الخصوص، كما أفرد بعض العلماء كتباً مستقلّة هي الأخري، جمعوا فيها مايخصّ



[ صفحه 63]



هذاالأمر من روايات وأقوال ونصائح. وخلاصة القول: أنّ هناك أمرين مهمّين:

الأوّل: مانستطيع أن نسمّيه «التراث الطبّيّ» للنبيّ(صلي الله وآله وسلم) وأئمّة أهل البيت(عليهم السلام)، وتأكيدهم فيه علي الجانب الغيبيّ، وشدّ الناس إليه بالدعاء والأذكار.

الثاني: التأكيد علي أهمّيّة النباتات كعلاج لكثير من الأمراض.

وها نحن نفرد لكم فصلاً خاصّاً بما جاء عن الإمام الهادي(عليه السلام) بهذا الخصوص.


پاورقي

[1] الشعراء: 26 / 80.

[2] نهج البلاغة: 348، الخطبة 226.

[3] الاحتجاج: 1 / 85، ضمن ح 25. التفسير المنسوب إلي الإمام العسكريّ(عليه السلام): 492، ح 312.